للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أعطيتُك ألفَ دينارٍ وأَرحتك من التعب، ومتى تصل إلى الخليفة وبينك وبينه عشرةُ آلافِ رامحٍ ونابل! فقلت: واللهِ عليك أن تعطيَني ألفَ دينار؟! قال: نعم، قلت: ومن أين لك ألفُ دينار؟! قال: هذا بغلي خيرٌ من ألف دينار، قال: فغضبت وقلت: ما يساوي هذا البغلُ هذا النَّجيب؟! قال: فدع عنك التعلُّل، ولله عليَّ أن أعطيَك الساعةَ ألفَ دينار، فأنشدته:

مأمون يا ذا المِنَن الشريفهْ … وصاحبَ المراتبِ المُنيفهْ

وقائدَ الكتيبةِ الكثيفه … هل لك في أُرجوزةٍ ظريفه

أظرفَ من فِقه أبي حنيفه … لا والذي أنت له خليفه

ما ظُلِمت في أرضنا ضعيفه … أَميرُنا مُؤنتهُ خفيفه

وما اجتبى [شيئًا] (١) سوى الوظيفه (٢) … فالذئبُ والنَّعجةُ في سَقيفه

واللِّصُّ والتاجرُ في قَطيفه

قال: فما فرغتُ من إنشادها إلَّا وقد أحدق بنا زُهاء على عشرة آلافِ فارس، فأخذني أَفْكَل (٣)، وإذا به المأمون، فقال: أَي أخي لا باسَ عليك، فقلت: يا أميرَ المؤمنين، أَتعرف لغاتِ العرب؟ قال: إِي لَعَمرُ الله، قلت: مَن جعل الكافَ منهم مكانَ القاف؟ قال: حِمْيَر. فقلت: لعنها اللهُ ولعن مَن استعمل هذه اللَّفظة (٤) بعد اليوم. فضحك المأمونُ وعلم ما أردت. يعني: يا ركيك، ثم أعطاني ثلاثةَ آلافِ دينارٍ وقال: سلامٌ عليكم، ومضى، فكان آخرَ العهدِ به (٥).

[وحكى الصُّولي عن يحيى بنِ أكثمَ حديثَ المرأة، قال يحيى: لما دخل المأمونُ بغدادَ جلس لردِّ المظالم، فقعد إلى الظُّهر] فلمَّا أراد القيام (٦)، تقدَّمت إليه امرأةٌ غريبة


(١) ما بين حاصرتين من تاريخ الطبري ٨/ ٦٥٥، وابن الأثير ٦/ ٤٣٥. وفي تاريخ دمشق ٣٩/ ٢٧٢: فضلًا.
(٢) في (خ) و (ف): الوضيفه. والمثبت من المصادر.
(٣) في (خ): فاخذ به النكل، وفي (ف): فأخذني النكل. والمثبت من تاريخ الطبري. والأَفكل: الرعدة. القاموس المحيط (فكل).
(٤) في تاريخ الطبري وابن الأثير: اللغة.
(٥) من قوله: وقال العيشي: كنت مع المأمون بدمشق … ، إلى هنا. لم يرد في (ب).
(٦) في (خ): جلس يومًا للناس، فلما أراد القيام. وفي (ف): وخرج يومًا في موكبه ثم جلس للخصوم، وكان =