فقال: أُخبركم بالعَجَب، مدحتُ أميرَ المؤمنين، ووصفت له [ناقتي من خِطامها إلى خُفَّيها، ووصفت له الفيافي من اليمامة إلى بابه] (١) أرضًا أرضًا ورَمْلةً رَمْلة، حتى إذا أَشفيتُ منه على غنى الدَّهر، جاء ابنُ بيَّاعة الفخاخير -يعني أبا العَتاهية- فأنشده بيتين، فضعضع بهما شِعري وسوَّاه في الجائزة بي، قيل: وما البيتان؟ فأنشد: [من الكامل]
إنَّ المطايا تشتكيك لأنَّها … قطعتْ إليك سَبَاسِبًا ورِمالا
فإذا رَحَلْنَ بنا رَحَلْنَ مُخِفَّةً … وإذا رجعْن بنا رجعن ثِقالا (٢)
[وحدَّثنا غيرُ واحد: حدَّثنا إسماعيلُ بن أحمدَ السمرقنديُّ بإسناده إلى أبي الحسين بنِ المنادي قال: أنشدني يوسفُ بن يعقوبَ لأبي العَتَاهية] (٣) [من الخفيف]
كم يكون الشتاءُ ثم المَصِيفُ … وربيعٌ يمضي ويأتي خريفُ
وانتقالٌ من الحَرور إلى الظِّلِّ … وسيفُ الرَّدى عليك مُنيف
يا قليلَ البقاءِ في هذه الدا … رِ إلى كم يَغرُّك التسويفُ
عجبًا لامرئٍ يذلُّ لذي دُنـ … ــــيا (٤) ويكفيه كلَّ يومٍ رغيفُ
و [روى ابنُ ناصرٍ بإسناده إلى أبي بكرٍ الأُموي قال:] (٥) قال الرشيدُ لأبي العتاهية: الناسُ يزعمون أنك زِنديق، فقال: يا أمير المؤمنين كيف أكون زنديقًا وأنا الذي أقول: [من الخفيف]
أيا عَجَبًا كيف يُعصى الإلـ … ـــــــهُ أم كيف يجحده الجاحدُ
ولله في كلِّ تسكينةٍ … وفي كل تحريكةٍ شاهد (٦)
وفي كلِّ شيءٍ له آيةٌ … تدلُّ على أنَّه واحد
(١) ما بين حاصرتين من (ب). وورد فيها: يافة، بدل: بابه. والمثبت من المصادر.
(٢) تكملة الديوان ص ٦٠٦.
(٣) في (خ): ومن شعره، وانظر المنتظم ١٠/ ٢٤١.
(٤) في تكملة الديوان ص ٥٨٠: لمخلوق.
(٥) ما بين حاصرتين من (ب)، وانظر المنتظم ١٠/ ٢٤١.
(٦) رواية الديوان ص ١٠٤.
ولله في كل تحريكة … علينا وتسكينة شاهد