قوله: (خالِدِينَ «١» فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ) هُوَ فِي المعنى:
إلا الَّذِي شاء ربك من الزيادة. فلا تجعل إلا (فِي «٢» منزلة) الواو ولكن بمنزلة سِوَى. فإذا كانت سوى فِي موضع إلا صلحت بِمعنى الواو لأنك تَقُولُ: عندي مال كَثِير سوى هَذَا أي وهذا عندي كأنك قلت: عندي مالٌ كَثِير وهذا. وهو فِي سوى أنفذ منه فِي إلا لأنك قد تَقُولُ: عندي سوَى هَذَا، ولا تقول: إلّا هذا.
وقوله: وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آياتٍ [١٢] معناهُ: افعل هَذَا فهي آية فِي تسع. ثم قال (إِلى فِرْعَوْنَ) ولم يقل: مرسل ولا مبعوث لأن شأنه معروف أَنَّهُ مبعوث إلى فرعون. وقد قَالَ الشاعر:
رأتني بحبليها فصَدَّت مخافةً ... وَفِي الحبل رَوْعَاء الفؤاد فَرُوق «٣»
أراد: رأتني أقبلت بحبليها: بحبلي النّاقة فأضمرَ فعلًا، كأنه قَالَ: رأتني مقبلا.
وقوله (وَإِلى «٤» ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً) نصب بإضمار (أرسلنا) .
وقوله: وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا [١٤] يقول: جحدوا بالآيات التسع بعد ما استيقنتها أنفسهم أنّها من عند الله، ظلمًا وَعُلُوًّا. وَفِي قراءة عَبْدِ الله (ظُلْمًا وَعُليًّا) مثل قوله:
(وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ «٥» عِتِيًّا) و (عتيّا) .
وقوله: وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ [١٦] كان لداوود- فيما ذكروا- تسعة عشر ولدًا ذكرًا، وإنّما خُصَّ سُلَيْمَان بالوراثة لأنها وراثة الْمُلك.
وقوله (عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ) : معنى كلام الطير، فجعله كمنطق الرجل إذ فهم، وقد قال الشاعر:
(١) الآيتان ١٠٧، ١٠٨ سورة هود.
(٢) ا: «بمنزلة» .
(٣) انظر ص ٢٣٠ من الجزء الأول.
(٤) الآية ٧٣ سورة الأعراف.
(٥) الآية ٨ سورة مريم.