للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كأنها ظرف للفعل متصلة بالفعل، ومن رفع جعل الواو للاسم، ورفعه بعائد ذكره كما قال الشاعر:

إن لم اشف النفوس من حي بكرٍ ... وعدى تطاه جرب الجمال «١»

فلا تكاد العرب تنصب مثل (عدى) فِي معناه لأن الواو لا يصلح نقلها إلى الفعل ألا ترى أنك لا تقول «٢» : وتطأ عديا جرب الجمال. فإذا رَأَيْت الواو تحسن فِي الاسم جعلت الرفع وجه الكلام. وَإِذَا رَأَيْت الواو يحسن فِي الفعل جعلت النصب وجه الكلام. وإذا رَأَيْت ما قبل الفعل يحسن للفعل والاسم جعلت الرفع والنصب سواء، ولم يغلب واحد على صاحبه مثل قول الشاعر «٣» :

إذا ابن أبى مُوسَى بلالا أتيته ... فقام بفأس بين وصليك جازر

فالرفع «٤» والنصب فِي هذا سواء.

وأما قول اللَّه عز وجل: وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ «٥» فوجه الكلام فِيهِ الرفع لأن أما تحسن فى الاسم ولا تكون مع الفعل.


(١) قبله:
ثكلتنى عند الثنية أمي ... وأتاها نعىّ عمىّ وخالى
ويريد بعدىّ المهلهل. والشعر فى الأغانى طبع الدار ٥/ ٥٨.
(٢) وذلك أن هذه جملة حالية، وإذا كان صدرها مضارعا لا تدخل عليها الواو.
(٣) هو ذو الرمة. وهذا من قصيدة فى مدح بلال بن أبى بردة بن أبى موسى الأشعرىّ أمير البصرة وقاضيها. وقبل البيت الشاهد:
أقول لها إذ شمر السير واستوت ... بها البيد واستنت عليها الحرائر
وهو يخاطب ناقته. وتشمير السير الارتفاع به والسير فيه، والحرائر جمع الحرور وهى ريح السموم، يدعو على ناقته أن تذبح إذا بلغته الممدوح لأنه يغنيه عنها بحبائه. وانظر ديوان ذى الرمة ٢٥٣ والخزانة ١/ ٤٥٠.
(٤) من البين أنه على الرفع يقرأ «بلال» . وهو ما فى الديوان. ويقول صاحب الخزانة: «وقد رأيته مرفوعا فى نسختين صحيحتين من إيضاح الشعر لأبى علىّ الفارسىّ إحداهما بخط أبى الفتح عثمان ابن جنىّ» .
(٥) آية ١٧ سورة فصلت.