وقال تعالى إخباراً عن نوح -صلى الله عليه وسلم-: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا}[نوح: ١٠] وقال تعالى حكاية عن هود -صلى الله عليه وسلم-: {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ... }[هود: ٥٢] والآيات في الاستغفار كثيرة معروفة، ويحصل التنبيه ببعض ما ذكرناه.
وأما الأحاديث الواردة في الاستغفار، فلا يمكن استقصاؤها لكني أشير إلى أطراف من ذلك.
روينا في "صحيح مسلم" عن الأغرّ المزنيّ رضي الله تعالى عنه: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:"إنَّهُ لَيُغانُ على قَلْبِي، وإني لأسْتَغْفِرُ اللهَ في اليَوْم مائَةَ مَرَّةٍ".
ــ
جزاء عمله وغير ذلك. قوله:{اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ} أي من الشرك "قوله {يُرْسِلِ السَّمَاءَ} " أي المطر وكانوا قد منعوه "وقوله مدراراً" أي كثير الدر متتابعاً يتلو بعضه بعضاً "قوله ويزدكم" عطف على يرسل "وقوله {قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ} " قال مجاهد: شدة إلى شدتكم وقال الضحاك: حصناً إلى حصنكم وقال علي بن عيسى: عزاً إلى عزكم قيل الله تعالى حبس عنهم المطر ثلاث سنين أو أعقم الأرحام ثلاث سنين فلم يولد لهم ولد فقال هود: إن آمنتم أحيا الله بلادكم ورزقكم المال والولد فتلك القوة وقال الزجاج المعنى: يزدكم قوة في النعم. قوله:(استقصاؤها) أي طلب أقصاها والمراد أنه يعسر حصرها.
قوله:(روينا في صحيح مسلم) قال في السلاح ورواه أبو داود والنسائي وليس للأغر في الكتب الستة سوى هذا الحديث اهـ. زاد في الجامع الصغير ورواه أحمد. قوله:(عن الأغر المزني) قال العامري في الرياض (إنه ليغان على قلبي) إن فيه شانية والظرف نائب الفاعل أي يحصل له غين وقوله (وإني) أي حينئذٍ (لأستغفر الله) أي أطلب منه مغفرة لائقة بهذا المقام وهذا من على كماله -صلى الله عليه وسلم- إن ذلك الغين الذي كان يحصل له -صلى الله عليه وسلم- ليس المراد به ظاهره وحقيقته من الغيم الرقيق ولذا كثر الاختلاف فيه على آراء كثيرة منها ليطبق إطباق الغين وهو الغيم ومنها ما قال عياض إن المراد به فترات وغفلات عن الذكر الذي شأنه الدوام عليه فإذا فتر وغفل عد ذلك ذنباً واستغفر منه ومنها أنه همه -صلى الله عليه وسلم- بسبب أمته وما اطلع عليه من أحوالهم بعده فيستغفر لهم، ومنها أنه السكينة التي تغشى قلبه قال تعالى:{ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ} فالاستغفار