وروينا في "صحيح البخاري" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "واللهِ إني
ــ
شكر لها قال المحاسبي خوف المقربين إجلال وإعظام ومنها أنه من المتشابه الذي لا يخاض في معناه وقد سئل عنه الأصمعي فقال: قلب من هذا فقيل له قلب النبي -صلى الله عليه وسلم- فامتنع من الكلام عليه تأدباً معه -صلى الله عليه وسلم- وإجلالاً لقلبه الذي جعله الله محل نظره ومنزل وحيه فهو مشرب سد عن أهل اللسان موارده وفتح لأرباب السلوك مسالكه ولذوي العرفان مصادره فأحق من يعبر عنه مشايخ الطريق الجامعون بين الحقيقة والشريعة لأن الحق طهر أسرارهم ونور بصائرهم بخلاف غيرهم، وممن تكلم على ذلك الشيخ عبد القادر الجيلاني فقال إنه -صلى الله عليه وسلم- لم يزل في الترقيات في الفيوض الإلهية والرتب العطائية فكلما ارتقى لمرتبة ونظر ما قبلها عده كالذنب فاستغفر منه، وبمعناه قول الشيخ القطب أبي الحسن الشاذلي أنه عين أنوار لا غين أغيار، وبيان أنه -صلى الله عليه وسلم- لم يزل أنوار الشهود ومعارج القرب تتوالى على قلبه المطهر المبرأ من كل وصمة نقص أو غفلة أو تأثر بغير أو سوى فيترقى من مقام هو فيه إلى أعلى منه وهكذا ومن المعلوم أن المترقي إلى مقام أعلى ينظر إلى ذلك المترقى عنه وما فيه من فوات الخصوصية التي في الأعلى الذي ارتقى إليه فيعده حينئذٍ مما يستغفر منه أي يطلب ستره عنه بدوام ترقيه إلى أعلى منه وهكذا فالغين لا نقص
فيه بوجه وإنما هو نور ومقام انتقل عنه إلى نور ومقام أعلى وأجمل فتأمله فإنه أولى ما قيل في هذا المقام كذا لخص من فتح الإله مع زيادة ما ذكر عن الشيخ عبد القادر عليه والله أعلم.
قوله:(وروينا في صحيح البخاري) قال في السلاح ورواه النسائي وابن ماجه وزاد في الحصن ورواه الطبراني في الأوسط ورواه النسائي عنه في الأوسط أيضاً عن أنس وابن أبي شيبة عن أبي هريرة أيضاً بلفظ مائة مرة. قوله:(والله) هو قسم لتأكيد المقسم عليه ليتبادر إلى التأسي به في ذلك وهو حينئذٍ سنة لأنه يحمل على طاعة وللوسائل حكم المقاصد وكون النّاس يتبادرون إلى التأسي به وإن لم يقسم عليه