بأنه مغفور له ما سلف عن نبه ومحفوظ إن شاء الله فيما يستقبل من شأنه ودلت الآية والحديث على عظيم فائدة الاعتراف بالذنب والاستغفار منه قال -صلى الله عليه وسلم-: "إن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب إلى الله تاب الله عليه" أخرجاه في الصحيحين اهـ. وهذه الآية تقدم الكلام على جمل مما يتعلق بها في باب ما يقوله ويفعله من تكلم بكلام قبيح. قوله:{وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا} ذنباً يسوء به غيره كما وقع ممن رمى طعمة اليهودي بسرقة الدرع {أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ} بعمل ذنب قاصر عليه {ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ} منه أي يتب {يَجِدِ اللهَ غَفُورًا} له {رَحِيمًا} به وفي قوله: يجد الله الخ مبالغة في الغفران والرحمة كأن المغفرة والرحمة معدان لطالبهما مهيآن له متى طلبهما وجدهما وجاء جواب الشرط مصرحاً فيه باسم الله ولم يأت بالضمير لما في لفظ الله من الجلالة والتعظيم مما ليس في الضمير ولما تقدم شيئان عمل السوء وظلم النفس قابلهما بوصفين هما المغفرة لعامل السوء والرحمة لمن ظلم نفسه كذا في النهر. قوله:{وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ} أي استغفروه من الشرك ثم توبوا ارجعوا إليه بالطاعة وقيل: استغفروه من سوالف الذنوب وتوبوا إليه من المستأنفة متى وقعت منكم ويحتمل أن يكون استغفروه من الصغائر وتوبوا إليه من الكبائر اهـ. وقيل: العطف تفسيري فالاستغفار هو التوبة والتوبة هي الاستغفار قال بعض العلماء: الاستغفار بلا إقلاع توبة الكذابين. قوله {يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا} ثمرة الاستغفار والتوبة أي يمتعكم بالمنافع في الدنيا من سعة الرزق ورغد العيش ولا يستأصلكم بالعذاب كما فعل بمن قبلكم، المتاع الحسن ترك الخلق والإقبال على الخالق وقيل هو القناعة بالموجود وترك الحزن على المفقود "وقوله {إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} " قيل: هو الموت وقيل: القيامة وقيل: دخول الجنة والمتاع الحسن على هذا وقاية كل مكروه وأمن كل مخوف مما يكون في القبر وغيره من أهوال يوم القيامة وكربها والأول أظهر لقوله في الآية الأخرى: {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ} الآية
وهذا منقطع بالموت وهو الأجل المسمى "قوله {وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ} " أي يؤت كل ذي عمل عمله من الأعمال الصالحة