عِيَالِكَ. فَرَجَعْتُ إِلَى قَوْمِي فَقُلْتُ: وَجَدْتُ عِنْدَكُمُ الضِّيقَ وَسُوءَ الرَّأْيِ، وَوَجَدْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّعَةَ وَالْبَرَكَةَ، أَمَرَ لي بصدقتكم فادفعوها إلي، فدفعوها إليه» .
[سورة المجادلة (٥٨) : الآيات ٥ الى ١٠]
إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَما كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ بَيِّناتٍ وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ مُهِينٌ (٥) يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا أَحْصاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٦) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٧) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوى ثُمَّ يَعُودُونَ لِما نُهُوا عَنْهُ وَيَتَناجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِما نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٨) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَناجَيْتُمْ فَلا تَتَناجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَناجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٩)
إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضارِّهِمْ شَيْئاً إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١٠)
قَوْلُهُ: إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَمَّا ذَكَرَ سُبْحَانَهُ الْمُؤْمِنِينَ الْوَاقِفِينَ عِنْدَ حُدُودِهِ ذَكَرَ الْمُحَادِّينَ، وَالْمُحَادَّةُ: الْمُشَاقَّةُ وَالْمُعَادَاةُ وَالْمُخَالَفَةُ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ: إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ قَالَ الزَّجَّاجُ: الْمُحَادَّةُ:
أَنْ تَكُونَ فِي حَدٍّ يُخَالِفُ صَاحِبَكَ، وَأَصْلُهَا الْمُمَانَعَةُ، وَمِنْهُ الْحَدِيدُ، وَمِنْهُ الْحَدَّادُ لِلْبَوَّابِ كُبِتُوا كَما كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَيْ: أُذِلُّوا وَأُخْزُوا، يُقَالُ: كَبَتَ اللَّهُ فُلَانًا إِذَا أَذَلَّهُ، وَالْمَرْدُودُ بِالذُّلِّ يُقَالُ لَهُ مَكْبُوتٌ.
قَالَ المقاتلان: أخزوا كما أخزي الّذي مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ، وَكَذَا قَالَ قَتَادَةُ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَالْأَخْفَشُ:
أُهْلِكُوا. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ، عُذِّبُوا. وَقَالَ السُّدِّيُّ: لُعِنُوا. وَقَالَ الفراء: أغيظوا، والمراد بمن قَبْلِهِمْ: كَفَّارُ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ الْمُعَادِينَ لِرُسُلِ اللَّهِ، وَعَبَّرَ عَنِ الْمُسْتَقْبَلِ بِلَفْظِ الْمَاضِي تَنْبِيهًا عَلَى تَحَقُّقِ وُقُوعِهِ، وَقِيلَ: الْمَعْنَى: عَلَى الْمُضِيِّ، وَذَلِكَ مَا وَقَعَ لِلْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ، فَإِنَّ اللَّهَ كَبَتَهُمْ بِالْقَتْلِ وَالْأَسْرِ وَالْقَهْرِ، وَجُمْلَةُ وَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ بَيِّناتٍ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ مِنَ الْوَاوِ فِي كُبِتُوا، أَيْ: وَالْحَالُ أَنَّا قَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ وَاضِحَاتٍ فِيمَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرُسُلَهُ مِنَ الْأُمَمِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ الْفَرَائِضُ الَّتِي أَنْزَلَهَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَقِيلَ: هِيَ الْمُعْجِزَاتُ وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ مُهِينٌ أَيْ: لِلْكَافِرِينَ بِكُلِّ مَا يَجِبُ الْإِيمَانُ بِهِ، فَتَدْخُلُ الْآيَاتُ الْمَذْكُورَةُ هُنَا دُخُولًا أَوَّلِيًّا، وَالْعَذَابُ الْمُهِينُ: الَّذِي يُهِينُ صَاحِبَهُ وَيُذِلُّهُ وَيَذْهَبُ بِعِزِّهِ يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً الظرف منتصب بإضمار اذكر، أو بمهين، أَوْ بِمَا تَعَلَّقَ بِهِ اللَّامُ مِنَ الِاسْتِقْرَارِ، أو بأحصاه الْمَذْكُورِ بَعْدَهُ، وَانْتِصَابُ جَمِيعًا عَلَى الْحَالِ، أَيْ: مُجْتَمِعِينَ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ، أَوْ يَبْعَثُهُمْ كُلَّهُمْ لَا يَبْقَى مِنْهُمْ أَحَدٌ غَيْرُ مَبْعُوثٍ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا أَيْ: يُخْبِرُهُمْ بِمَا عَمِلُوهُ فِي الدُّنْيَا مِنَ الْأَعْمَالِ الْقَبِيحَةِ تَوْبِيخًا لَهُمْ وَتَبْكِيتًا وَلِتَكْمِيلِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ، وَجُمْلَةُ أَحْصاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ مُسْتَأْنَفَةٌ جَوَابُ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ، كَأَنَّهُ قِيلَ: كَيْفَ يُنَبِّئُهُمْ بِذَلِكَ عَلَى كَثْرَتِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute