وَقْتُ الْحَرْبِ، وَالْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ اسْمَانِ بُنِيَا عَلَى فَعْلَاءَ وَلَا فِعْلَ لَهُمَا لِأَنَّهُمَا اسْمَانِ وَلَيْسَا بِنَعْتٍ. وَقَوْلُهُ:
صَدَقُوا وَصَفَهُمْ بِالصِّدْقِ وَالتَّقْوَى فِي أُمُورِهِمْ وَالْوَفَاءِ بِهَا وَأَنَّهُمْ كَانُوا جَادِّينَ وَقِيلَ: الْمُرَادُ صَدَقُوهُمُ الْقِتَالَ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَصَحَّحَهُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْإِيمَانِ فَتَلَا: لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا، ثُمَّ سَأَلَهُ أَيْضًا فَتَلَاهَا، ثُمَّ سَأَلَهُ فَتَلَاهَا. قَالَ: وَإِذَا عَمِلْتَ بِحَسَنَةٍ أَحَبَّهَا قَلْبُكَ، وَإِذَا عَمِلْتَ بِسَيِّئَةٍ أَبْغَضَهَا قَلْبُكَ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى أَبِي ذَرٍّ فَقَالَ: مَا الْإِيمَانُ؟ فَتَلَا عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةَ، ثُمَّ ذَكَرَ لَهُ نَحْوَ الْحَدِيثِ السَّابِقِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ: يَقُولُ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُصَلُّوا وَلَا تَعْمَلُوا، هَذَا حِينَ تَحَوَّلَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَأُنْزِلَتِ الْفَرَائِضُ. وَأَخْرَجَ عَنْهُ ابْنُ جَرِيرٍ أَنَّهُ قَالَ: هَذِهِ الْآيَةُ نَزَلَتْ بالمدينة، يقول:
ليس البرّ أن تصلوا، ولكن الْبِرَّ مَا ثَبَتَ فِي الْقَلْبِ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: ذُكِرَ لَنَا أَنْ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْبِرِّ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: لَيْسَ الْبِرَّ الآية. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَابْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: كَانَتِ الْيَهُودُ تُصَلِّي قِبَلَ الْمَغْرِبِ، وَالنَّصَارَى قِبَلَ الْمَشْرِقِ، فَنَزَلَتْ:
لَيْسَ الْبِرَّ الْآيَةَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ أَبِي الْعَالِيَةِ مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَسَعِيدُ ابن مَنْصُورٍ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالطَّبَرَانِيُّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي قَوْلِهِ: وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ قَالَ:
يُعْطِي وَهُوَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ يَأْمُلُ الْعَيْشَ وَيَخَافُ الْفَقْرَ. وَأَخْرَجَ عَنْهُ مَرْفُوعًا مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ عَنِ المطلب: أنه قيل: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا آتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ؟ فَكُلُّنَا نُحِبُّهُ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تُؤْتِيهِ حِينَ تُؤْتِيهِ وَنَفْسُكَ تُحَدِّثُكَ بِطُولِ الْعُمُرِ وَالْفَقْرِ» . وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ: وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ يَعْنِي: عَلَى حُبِّ الْمَالِ. وَأَخْرَجَ عَنْهُ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ: ذَوِي الْقُرْبى يَعْنِي: قَرَابَتَهُ.
وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «الصَّدَقَةُ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وَعَلَى ذِي الرَّحِمِ ثِنْتَانِ صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ» أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالْحَاكِمُ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ مِنْ حَدِيثِ سَلْمَانَ بْنِ عَامِرٍ الضَّبِّيِّ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ حَدِيثِ زَيْنَبَ امْرَأَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّهَا سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ تُجْزِي عَنْهَا مِنَ الصَّدَقَةِ النَّفَقَةُ عَلَى زَوْجِهَا وَأَيْتَامٍ فِي حِجْرِهَا؟ فَقَالَ: «لَكِ أَجْرَانِ:
أَجْرُ الصَّدَقَةِ، وَأَجْرُ الْقَرَابَةِ» . وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ، مِنْ حَدِيثِ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عُقْبَةَ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ عَلَى ذِي الرَّحِمِ الْكَاشِحِ» . وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ، وَالدَّارِمِيُّ، وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: ابْنُ السَّبِيلِ: هُوَ الضعيف الَّذِي يَنْزِلُ بِالْمُسْلِمِينَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: هُوَ الَّذِي يَمُرُّ بِكَ وَهُوَ مُسَافِرٌ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ: وَالسَّائِلِينَ قَالَ: السَّائِلُ الَّذِي يَسْأَلُكَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ: وَفِي الرِّقابِ قَالَ: يَعْنِي فَكَّ الرِّقَابِ. وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنْهُ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute