وينظر: «تهذيب اللغة» (٧/ ١٨١) ، «لسان العرب» (٦/ ٤٤٠٧) ، «تاج العروس» (٢/ ٢٨٢) ، «معيار العقول في علم الأصول» لابن المرتضى (١/ ١٧٢) ، «كشف الأسرار» (٣/ ١٥٤) ، «حواشي المنار» (٧٠٨) ، «العدة» (٣/ ٧٧٨) ، «الحدود» للباجي (ص ٤٩) ، «اللمع» (ص ٣٠) ، «الوصول» لابن برهان (٢/ ٧) ، «روضة الناظر» (٢٦) ، «الرسالة» للشافعي (١٢٨) ، «المغني» للخبازي (٢٥٠) ، «المسودة» (١٩٥) ، «شرح تنقيح الفصول» (٣٠١) ، «تقريب الوصول» (١٢٥) ، «المنتهى» لابن الحاجب (١١٣) . (١) أجمع أهل الشرائع طرّا من المسلمين والنصارى واليهود على جوازه عقلا، وخالف في ذلك الشمعونية من اليهود متمسكين بشبه واهية. احتج الجمهور بدليل عقلي حاصله: أن المخالف لا يخلو حاله من أحد أمرين: أما إن يكون ممن يوافق على أن الله (تعالى) هو الفاعل المختار، له أن يفعل ما يشاء كما يشاء من غير نظر إلى حكمة وغرض. وإما أن يكون ممن يعتبر المصلحة في أفعاله (تعالى) ، فإن كان الأول، فليس في العقل ما يمنع من أن يأمر الله بشيء في وقت وينهى عنه في وقت آخر، كأمره بالصوم في اليوم الأخير من رمضان، ونهيه عنه في اليوم الأول من شوال. وإن كان الثاني، فلا يمتنع أن يعلم الله أن في الفعل مصلحة في وقت، فيأمر به، وأن في الفعل مضرة في وقت آخر، فينهى عنه فإن المصلحة مما تختلف باختلاف الأشخاص والأحوال. أما اختلافها بالأشخاص فإنا نرى الغنى مصلحة لبعض الناس، والفقر مفسدة له، بينما نرى الفقر مصلحة للبعض الآخر، والغنى مفسدة له يدلنا على ذلك قول الرسول الأمين فيما يرويه عن رب العالمين: «إن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلّا الفقر، ولو أغنيته لأفسده. وإن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا الغنى، ولو أفقرته لأفسده» وأما اختلافها بحسب الأحوال والأزمان، فإنا نرى الشدة والغلظة نافعة في زمان دون زمان، لا ينفع فيه إلا المداراة والمساهلة. ومثل ذلك المريض يكون تناول الدواء مفيدا له حين مرضه، فيأمره الطبيب بتناوله، ويكون مضرا له بعد سلامته، فينهاه الطبيب عنه حينئذ، أو كالغذاء الجيد لا تتحمله معدة المريض الضعيف، فينهى عنه. فإذا شفي من مرضه وسلمت معدته واحتاج إلى ما يعيد قوته، حتم عليه الطبيب تناول ما كان يمنعه عنه. واعتبر ذلك في تربية الطفل يعطى من الغذاء الخفيف ما يناسبه حتى إذا شب زيد له من متين الغذاء بمقداره. ومنع من رضاع أمه إذ كان ذلك لا يناسب بعد كبره. ينظر: «النسخ» لشيخنا إمام إبراهيم عيسى ص ٢٠. [.....]