ولفظ مالك عن أبي السائب مولى هشام بن زهرة، عن أبي هريرة، سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: «من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج، هي خداج، هي خداج غير تمام» قال: فقلت: يا أبا هريرة إني أحيانا أكون وراء الإمام، قال: فغمز ذراعي، ثم قال: اقرأ بها في نفسك يا فارسي، فإني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: «قال الله تبارك وتعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فنصفها لي، ونصفها لعبدي، ولعبدي ما سأل» قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «اقرءوا، يقول العبد: الحمد لله رب العالمين، يقول الله تعالى: حمدني عبدي» الحديث. (٢) ذهب أكثر أهل العلم من الصحابة، فمن بعدهم إلى ترك الجهر بالتسمية، بل يسرّ بها، منهم أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وغيرهم، وهو قول إبراهيم النّخعي، وبه قال مالك، والثوري، وابن المبارك، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وذهب قوم إلى أنه يجهر بالتسمية للفاتحة والسورة جميعا، وبه قال من الصحابة أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأبو الزبير، وهو قول سعيد بن جبير، وعطاء، وطاوس، ومجاهد، وإليه ذهب الشافعي. وروى في الحديث أن النبي صلّى الله عليه وسلم وأبا بكر يبدءون وعمر وعثمان كانوا يفتتحون القراءة ب «الحمد لله رب العالمين» معناه: أنهم كانوا يبدءون بقراءة فاتحة الكتاب قبل السورة، وليس معناه: أنهم كانوا لا يقرءون «بسم الله الرحمن الرحيم» . وكان الشافعي يرى أن يبدأ «ببسم الله الرحمن الرحيم» وأن يجهر بها إذا جهر بالقراءة. قال العلامة أحمد شاكر: ومن فقه أبي عيسى الترمذي أن عقد الخلاف في البابين (١٨٠، ١٨١) بين الجهر بالبسملة وترك الجهر بها، ولم يعقد بين أصل قراءتها وتركها. أما أئمة القراءات، فإنهم جميعا اتفقوا على قراءة البسملة في ابتداء قراءة كل سورة، سواء الفاتحة أو غيرها من السور سوى «براءة» ولم يرد عن واحد منهم أبدا إجازة ابتداء القراءة بدون التسمية. قال ابن الجزري في «طيبته» . بسمل بين السّورتين (ب) س (ن) صف ... (د) م (ش) ق (ر) جا وصل (ف) شا وعن خلف (العاشر) فاسكت فصل ... والخلف (ك) م (حما) (ج) لا (الأزرق) إلى أن قال: وفي ابتداء السورة كلّ بسملا. وقال صاحب «الشاطبية» : ولا بد منها (أي البسملة) في ابتدائك سورة.