للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنامِكَ قَلِيلًا

- وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ ويكنى بالقلة عن الذلة اعتبارا بما قال الشاعر:

ولست بالأكثر منه حصا ... وإنما العزة للكاثر

وعلى ذلك قوله تعالى: وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ. ويكنى بها تارة عن العزة اعتبارا بقوله: وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ- وَقَلِيلٌ ما هُمْ وذاك أن كل ما يعز يقل وجوده. وقوله: وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا يجوز أن يكون استثناء من قوله: وَما أُوتِيتُمْ أي ما أوتيتم العلم إلا قليلا منكم، ويجوز أن يكون صفة لمصدر محذوف أي علما قليلا، وقوله: وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلًا يعنى بالقليل هاهنا أعراض الدنيا كائنا ما كان، وجعلها قليلا فى جنب ما أعد اللَّه للمتقين فى القيامة، وعلى ذلك قوله تعالى: قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ وقليل يعبر به عن النفي نحو قلما يفعل فلان كذا ولهذا يصح أن يستثنى منه على حد ما يستثنى من النفي فيقال قلما يفعل كذا إلا قاعدا أو قائما وما يجرى مجراه، وعلى ذلك حمل قوله تعالى: قَلِيلًا ما تُؤْمِنُونَ وقيل معناه تؤمنون إيمانا قليلا، والإيمان القليل هو الإقرار والمعرفة العامية المشار إليه بقوله تعالى:

وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ وأقللت كذا وجدته قليل المحمل أي خفيفا إما فى الحكم أو بالإضافة إلى قوته، فالأول نحو أقللت ما أعطيتنى والثاني قوله: أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالًا أي احتملته فوجدته قليلا باعتبار قوتها، واستقللته رأيته قليلا نحو استخففته رأيته خفيفا، والقلة ما أقله الإنسان من جرة وحب، وقلة الجبل شعفه اعتبارا بقلته إلى ما عداه من أجزائه، فأما تقلقل الشيء إذا اضطرب وتقلقل المسمار فمشتق من القلقلة وهى حكاية صوت الحركة.

(قلب) : قلب الشيء تصريفه وصرفه عن وجه إلى وجه كقلب الثوب وقلب الإنسان أي صرفه عن طريقته، قال تعالى: إِلَيْهِ تُقْلَبُونَ والانقلاب الانصراف، قال تعالى: انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ، وقال: إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ، وقال: أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ، وقال: وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ وقلب الإنسان قيل سمى به لكثرة تقلبه ويعبر بالقلب عن المعاني التي تختص به من الروح والعلم والشجاعة وغير ذلك، وقوله تعالى: وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ أي

<<  <  ج: ص:  >  >>