للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكَر عبد الرَّزَّاق (١)، قال: أخبَرنا معمر، قال: سمعتُ الزهريَّ سُئِلَ: أتُؤْخذُ الجزيةُ ممّن ليس من أهل الكتاب؟ قال: نعم، أخَذها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - من أهلِ البحرين، وعُمرُ من أهل السواد، وعثمانُ من بربر.

قال (٢): وأخبَرنا معمرٌ، عن الزهريِّ، أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - صالَح عَبَدةَ الأوثانِ على الجزيةِ إلّا مَن كان منهم من العرب، وقَبِل الجزيةَ من أهلِ البحرين وكانوا مجوسًا.

قال أبو عُمر: هذا يدلُّ على أنَّ مَذْهبَ ابن شهابٍ أن العربَ لا تُؤخذُ منهم الجزيةُ إلّا أن يَدينُوا بدينِ أهل الكتاب. وما أعلمُ أحدًا روَى هذا الخبرَ المُرْسلَ عن ابنِ شهابٍ إلّا مَعْمَرًا، أعني قولَه: صالَحَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عَبَدَةَ الأوثانِ على الجزيةِ إلّا مَن كان منهم من العرب، فاستثنَى العربَ وإن كانوا عَبدَةَ أوثانٍ من بين سائرِ عَبدَةِ الأوثان. وبه يقولُ ابنُ وَهْب.

وذكَر ابنُ وَهْبٍ، عن يونُسَ، عن ابن شهابٍ، قال: أُنزِلت في كفارِ العرب: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} [الأنفال: ٣٩]. وأُنزِلت في أهل الكتاب: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ} الآيةَ [التوبة: ٢٩]. قال ابنُ شهابٍ: فكان أوّلَ مَن أعطَى الجزيةَ من أهل الكتابِ أهلُ نَجْرانَ فيما علِمْنا، وكانوا نصارَى. قال ابنُ شهاب: ثم قَبِل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - من أهل البَحْرين الجزيةَ وكانوا مجوسًا، ثم أدَّى أهلُ أيلَةَ، وأهلُ أذرُحَ، وأهلُ أذرِعَاتٍ، إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وأقَرُّوا له في غزوةِ تبوكَ. قال ابنُ شهابٍ: ثم بعَث خالدَ بن الوليدِ إلى أهلِ دُومَةِ الجَنْدَلِ، وكانوا من عِبَادِ (٣)


(١) المصنف (١٠٠٢٦)، (١٩٢٥٥).
(٢) المصنف (١٩٢٥٩)، (١٠٠٩١).
(٣) العباد: قوم من قبائل شتى من بطون العرب، اجتمعوا على دين النصرانية.

<<  <  ج: ص:  >  >>