للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكُوفة، فأسَر رأسَهم أُكَيدِرَ، فقاضاه على الجَزْية. قال ابنُ شهاب: فمَن أسلَم من أولئك كلِّهم قُبِل منه الإسلامُ، وأَحْرَزَ له إسلامُه نفسَه ومالَه إلّا الأرضَ؛ لأنّها كانت من فَيءِ المسلمين.

قال ابنُ وَهْبٍ: وأخبَرني يونسُ، عن ابن شهابٍ، قال: حدَّثني ابنُ المسيِّب، أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أخَذ الجزيةَ من مجوسِ هجرَ، وإنَّ عُمرَ بن الخطاب أخَذها من مجوسِ السوادِ، وإن عثمانَ أخَذها من بربرٍ.

وذكَر عبدُ الرزاق (١)، عن الثوريِّ، عن محمدِ بن قيسٍ، عن الشعبيِّ، قال: كان أهلُ السوادِ ليس لهم عهدٌ، فلمّا أُخِذ منهم الخراجُ كان لهم عهدٌ.

قال أبو عُمر: أهلُ العهدِ وأهلُ الذمةِ سواءٌ، وهم أهلُ العَنوةِ يُقَرُّون بعدَ الغَلَبَةِ عليهم فيما جعَله اللهُ للمسلمينَ وأفاءَه عليهم منهم ومن أرْضِهم، فإذا أقَرُّوهم كانوا أهلَ عهدٍ وذمةٍ، تُضرَبُ على رءُوسِهم الجزيةُ ما كانوا كُفارًا، ويُضرَبُ على أرضِهم الخَرَاجُ فيئًا للمسلمين؛ لأنّها ممّا أفاءَ اللهُ عليهم، ولا يسقُطُ الخراجُ عن الأرضٍ بإسلام عامِلِها. فهذا حكمُ أهلِ الذِّمة، وهم أهلُ العَنوةِ الذين غُلِبُوا على بلادِهم وأُقِرُّوا فيها.

وأمّا أهلُ الصُّلحِ فإنّما عليهم ما صُولِحوا عليه يُؤدُّونَه عن أنفسِهم وأموالِهم وأرْضِهم وسائرِ ما يَملِكُونه، وليس عليهم غيرُ ما صُولِحوا عليه إلّا أن يَنْقُضوا، فإن نَقَضُوا فلا عهدَ لهم ولا ذمةَ، ويعودونَ حربًا إلّا أن يُصالِحوا بعدُ.

أخبَرنا أبو محمدٍ عبدُ الله بن محمدِ بن عبد المؤمن، قال: حدَّثنا أبو جعفرٍ محمدُ بن يحيى بن عُمرَ، قال: حدَّثنا عليُّ بن حربٍ، قال: حدَّثنا سفيان بن عُيَيْنةَ،


(١) المصنف (١٠٠٣١)، (١٩٢٥٨) من غير قوله: "فلما أُخذ منهم الخراج كان لهم عهد" فليس في المصنف.

<<  <  ج: ص:  >  >>