للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال مالكٌ (١): وإنما يحلِفُون في قَسامةِ الخطأ على قدْرِ ميراثِ كلِّ واحدٍ منهم في الدِّية، فإن وقَع في الأيمانِ كُسورٌ، أُتِمَّت اليمينُ على أكثرِهم ميراثًا. ومعنى ذلك أن يحلِفَ هذا يمينًا وهذا يمينًا، ثم يُرجَعَ إلى الأول فيحلِفَ، ثم الذي يليه، حتى تتمَّ الأيمانُ كلُّها.

وقال مالك: إذا ادَّعَى الدمَ بَنُونَ أو أخوة، فعفَا أحدُهم عن المدَّعَى عليه، لم يكن إلى الدَّم سبيل، وكان لمن بقيَ (٢) منهم أنصباؤُهم من الدَّلة بعدَ أيمانهم.

قال ابنُ القاسم: لا يكونُ لهم من الدلة شيءٌ إلا أن يكونوا قد أقسَموا، ثم عفا بعضُهم، فأما إذا نكَل أحدُهم عن القَسامة، لم يكُنْ لمن بقيَ شيءٌ من الدية.

ولأصحاب مالكٍ في عفوِ العَصَباتِ مع البناتِ وفي نوازلِ القَسامةِ مسائلُ لا وجهَ لذِكْرِها هاهنا.

وقال مالكٌ في "الموطأ" (٣): إنما فُرِقَ بينَ القَسامةِ في الدَّم وبينَ الأيمانِ في الحقوق، أنَّ الرجلَ إذا دايَن الرجلَ استَثْبت عليه في حقِّه، وأن الرجلَ إذا أراد قتلَ الرجلِ (٤) لم يقتُلْه في جماعةٍ من الناس، وإنما يلتمِسُ الخَلوة.

قال: فلو لم تكن القَسامةُ إلا فيما ثبَت بالبيِّنةِ وعُمِل فيها كما يُعمَلُ في الحقوق، هلَكتِ الدِّماءُ وبطَلَت، واجترَأ الناسُ عليها إذا عرَفوا القضاءَ فيها، ولكن إنما جُعِلَتِ القَسامةُ إلى وُلاةِ المقتول يُبَدَّؤون فيها؛ ليكفَّ الناسُ عن الدَّم، وليَحذرَ القاتلُ أن يُؤخذَ في ذلك بقولِ المقتول.


(١) الموطّأ ٢/ ٤٥٧ (٢٥٨٥).
(٢) في الأصل: "يقع"، والمثبت من بقية النسخ.
(٣) ٢/ ٤٥٥ (٢٥٧٨).
(٤) في الأصل: "أن يقتل الرجلَ"، والمثبت من ي ٢، وهو الموافق لما في المطبوع من الموطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>