للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال محمدٌ: لا يجُوزُ، إلّا أن يُحِيط العِلمُ بأنَّهُما إذا يبِسَتِ المبلُولةُ (١) أوِ الرَّطبةُ تساويا.

ولم يختلِف قولُ أبي حنِيفةَ وأصحابِهِ في جَوازِ بيع العِنَبِ بالزَّبِيبِ، مِثلًا بمِثلٍ. وهذا خِلافُ السُّنَّةِ الثّابتةِ، واللهُ المُستعانُ.

والذي أقُولُ: إنَّهُم لو عَلِمُوا نَهْيَ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك نصًّا، وثبتَ عِندهُم: ما خالفُوهُ، وإنّما دخَلت عليهمُ الدّاخِلةُ من قِلَّةِ اتِّساعِهِم في عِلم السُّننِ، وغيرُ جائزٍ أن يظُنَّ بهم أحد إلّا ذلك، ولو خالفُوا السُّنَّةَ جِهارًا بغيرِ تأوِيل، لسقطَتْ عدالتُهُم، وهذا لا يجُوزُ أن يُظنَّ بهم مع اتِّباعِهِم ما صحَّ عِندَهُم من السُّننِ، فهذا شأنُ العُلماءِ أجمع.

ولكِنَّ الحُجَّةَ: في السُّنَّةِ وفي قولِ من قال بها وعَلِمها، لا في قَولِ من جَهِلَها وخالَفها، وبالله التَّوفِيقُ.

قال أبو عُمر: أجمعُوا أنَّهُ لا يجُوزُ عِندهُمُ العجِينُ بالعجِينِ، لا مُتماثِلًا ولا مُتفاضِلًا، لا خِلاف بينهِم في ذلك، وكذلك العجِينُ بالدَّقيقِ، فإذا طُبخَ العجِينُ، وصارَ خُبزًا، جازَ بيعُهُ عِندَ مالكٍ (٢) بالدَّقيقِ مُتفاضِلًا ومُتساويًا؛ لأنَّ الصِّناعةَ قد كمُلت فيه، وأخرجتهُ، فيما زعمَ أصحابُهُ، عن جِنسِهِ، واختلف الغرضُ فيهِ (٣).

وقولُ أبي حنِيفةَ، وأبي يُوسُف، ومحمدٍ في بيع الدَّقِيقِ بالخُبزِ، كقولِ مالكٍ (٤).


(١) في م: "المبلول".
(٢) في د ٢: "ذلك".
(٣) انظر: المدونة ٣/ ١٥٢.
(٤) انظر: مختصر اختلاف العلماء ٣/ ٣٨، وانظر فيه ما بعده.

<<  <  ج: ص:  >  >>