للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الطَّلاقِ للعِدَّةِ، هُو طلاقُ المدخُولِ بها من النِّساءِ، فأمّا غيرُ المدخُولِ بهنَّ (١)، فلا عِدَّةَ عليهنَّ، ولا سُنَّةَ، ولا بِدعةَ في طلاقِهِنَّ، قال اللهُ عزَّ وجلَّ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} الآيةَ [الأحزاب: ٤٩].

ويُطلِّقُ غيرَ المدخُولِ بها زوُجُها في كلِّ وَقْتٍ متى شاءَ من الطَّلاقِ، واحدةً أو أكثرَ، إلّا أنَّهُ إن طلَّقَ عندَ مالكٍ وأصحابِهِ غيرَ المدخُولِ بها ثلاثًا، لزِمهُ، وهُو عندَهُم عاصٍ في فِعلِهِ.

وقال أشهبُ: لا يُطلِّقُها، وإن كانت غيرَ مدخُولٍ بها حائضًا.

وقال ابنُ القاسم: يُطلِّقُها متى شاءَ، وإن كانت حائضًا. وعليه النّاسُ.

قال أبو عُمر: من حُجَّةِ من قال: إنَّ الطَّلاقَ لا يكونُ للسُّنَّةِ في المدخُولِ بها إلّا واحدةً، ولا تكونُ الثَّلاثُ المُجْتمِعاتُ للسُّنَّةِ على حالٍ من الأحوالِ، قولُ الله عزَّ وجلَّ: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: ٢٢٩]. ثُمَّ قال: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ} [البقرة: ٢٣٠]. ومرَّتان لا تكونان إلّا في وَقْتينِ، والثَّلاثُ في ثلاثةِ أوقاتٍ.

ودليلٌ آخرُ، وهُو قولُ الله عزَّ وجلَّ: {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} إلى قولِهِ: {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: ١] فأيُّ أمرٍ يحدُثُ بعد الثَّلاثِ، والأمرُ إنَّما أُريدَ به المُراجعةُ؟

ومن الأثر (٢): ما قرأتُهُ على عبدِ الوارثِ بن سُفيانَ، أنَّ قاسمَ بن أصبَغَ حدَّثهُم، قال: حدَّثنا محمدُ بن عبدِ السَّلام، قال: أخبَرَنا محمدُ بن المُثنَّى، قال: حدَّثنا عبدُ الرَّحمن، قال: حدَّثنا شُعبةُ، عن أبي إسحاقَ، عن أبي الأحْوَصِ، عن


(١) في م: "بها".
(٢) هكذا في الأصل، وفي د ٤: "ومن الأحق".

<<  <  ج: ص:  >  >>