للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى هذا يُخرَّجُ ما رواهُ يحيى بن يحيى في "المُوطَّأ" (١) عن مالك (٢) في تَفسيرِ قِراءةِ ابن عُمر: "يا أيُّها النَّبيُّ إذا طلَّقتُمُ النِّساءَ فطلِّقُوهُنَّ لقُبُلِ عِدَّتِهِنَّ" قال يحيى: قال مالكٌ: يُريدُ بذلكَ: أن يُطلِّقَ الرَّجُلُ امرأتهُ في كلِّ طُهرٍ. وهذا التَّفسيرُ لم يروِهِ أحدٌ عن مالكٍ في "الموطَّأ" غيرُ يحيى، والله أعلمُ.

قال أبو عُمر: قولُ مالكٍ في طَلاقِ السُّنَّةِ، إجماعٌ لا اختِلافَ فيه أنَّهُ طَلاقُ السُّنَّةِ الذي أمرَ اللهُ عزَّ وجلَّ به للعِدَّةِ، يُوافِقُهُ على ذلكَ غيرُهُ، وهُو لا يُوافِقُ غيَرهُ على أقوالِهِم في طلاقِ السُّنَّةِ.

ويَعضُدُ قولَهُ من جِهَةِ النَّظرِ: أنَّ المُطلِّق في كلِّ طُهْرٍ تَطْليقةً، يَقَعُ بَعضُ طلاقِهِ بغيرِ عِدَّةٍ كامِلةٍ، بل يَقَعُ طلاقُهُ كلُّهُ بغيرِ عِدَّةٍ كامِلةٍ؛ لأنَّ كلَّ طَلْقةٍ، إنَّما تكونُ بإزائها حَيْضةٌ واحدةٌ، وليسَ شأنُ الطَّلاقِ أن يُعتَدَّ منهُ بحَيْضةٍ واحدةٍ، بلِ الواجِبُ أن تكونَ ثلاثةَ قُرُوءٍ لكلِّ طَلْقة (٣)، وأن تُستَقبَلَ العِدَّةُ بالطَّلاقِ، لقولِهِ: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: ١] أو "لقُبُلِ عِدَّتِهِنَّ" (٤).

وكلُّ طَلاقٍ لا (٥) يُوجِبُ العِدَّةَ الكامِلةَ، فهُو بخِلافِ ما أمرَ اللهُ به من الطَّلاقِ للعِدَّةِ، على ظاهِرِ الخِطابِ، فإن جُعِلَتِ الثَّلاثةَ قُرُوءٍ للطَّلقةِ الأُولى، كانتِ الثّانيةُ والثّالثةُ بغيرِ أقراءٍ تَعْتَدُّ بها، ومعلُومٌ أنَّ الطَّلقةَ الثّانيةَ بقُرءَين، والطَّلقةَ الثّالثةَ بقُرءٍ واحدٍ، وهذا خِلافُ حُكم العِدَّةِ في المُطلَّقاتِ.


(١) أخرجه في الموطأ ٢/ ١٠٢ (١٧٢٠).
(٢) قوله: "عن مالك" لم يرد في م.
(٣) قوله: "طلقة" لم يرد في د ٤.
(٤) عبارة د ٤: "ولقبل عدتهنّ".
(٥) هذا الحرف سقط من م.

<<  <  ج: ص:  >  >>