للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أوِ الحَيْضةِ الثّانيةِ، أوِ الطُّهرِ بعدَها، إذا كان طلاقُهُ في الحَيْضِ، يُجبَرُ على رَجْعتِها أبدًا في ذلكَ كلِّهِ، ما لم تَنْقَضِ العِدَّةُ.

هذا قولُ مالكٍ وأصحابِهِ، إلّا أشهبَ بنَ عبدِ العزيزِ، فإنَّهُ قال: يُجبَرُ على الرَّجْعةِ ما لم تَطْهُر، أو حتى تحيضَ ثم تَطهُرَ (١)، فإذا صارَت في الحالِ التي أباحَ لهُ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- طَلاقَها، لم يُجبَر على رَجْعتِها.

ولا خِلافَ بينهُم، أعني مالكًا وأصْحابَهُ: أنَّ المُطلِّقَ في الحَيْضِ إذا أُجبِرَ على الرَّجعةِ، وقُضِي بذلك عليه، ثُمَّ شاءَ طَلاقَها، أنَّهُ لا يُطلِّقُها في ذلكَ الحيضِ، ولكِن يُمهِلُ حتّى تطهُرَ، ثُمَّ تحيضَ، ثُمَّ تطهُرَ، ثُمَّ (٢) إن شاءَ حينئذٍ طلَّقَ، وإن شاءَ أمسكَ. على ما في الحديثِ، ولا يُطلِّقُها بعدَ طُهْرِها من ذلك الدَّم الذي ارْتَجعها فيه بالقَضاءِ، فإن فعَلَ، لَزِمهُ.

ولا يُؤمَرُ ها هُنا، ولا يُجبَرُ على الرَّجْعةِ إلّا ما ذكَرْنا، عن أشهَبَ: أنَّهُ قال: يُجبَرُ على الرَّجعةِ، ما لم تخرُجْ إلى الطُّهرِ الثّاني. قال: كيفَ أُجبِرُهُ على الرَّجعةِ، في مَوْضِع لهُ أن يُطلِّقَ فيه.

وقال اللَّيثُ بن سعدٍ: إذا أجبرتُهُ على الرَّجعةِ، فطهُرَتْ من تلكَ الحَيْضةِ، لم أمنَعْهُ من الوَطْءِ حتّى تحيضَ ثُمَّ تطهُرَ، فيُطلِّقُ قبلَ المسيسِ.

قال أبو عُمر: لم يختلِفِ العُلماءُ كلُّهُم: أنَّ الرَّجُلَ إذا طلَّق في طُهرٍ قد مَسَّ فيه: أنَّهُ لا يُجبرُ على الرَّجْعةِ، ولا يُؤمَرُ بها، وإن كان طَلاقُهُ قد وقَعَ على غيرِ سبيلِ السُّنَّةِ.

وطلاقُ السُّنَّةِ هُو الطَّلاقُ الذي أذِنَ اللهُ تعالى فيه للعِدَّةِ، كما قال في كِتابِهِ: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: ١].


(١) قوله: "أو حتى تحيض ثم تطهر" سقط من الأصل، د ٤، قفز نظر.
(٢) حرف العطف لم يرد في د ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>