للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلَفَ الفُقهاءُ في المُطلِّقِ زَوْجتَهُ وهي حائضٌ: هل يُجبَرُ على رَجْعتِها أم لا (١)؟

فقال الشّافِعيُّ وأبو حَنِيفةَ وأصحابُهُما، والثَّوريُّ، والأوزاعيُّ، وابنُ أبي ليلى، وأحمدُ بن حَنْبل، وأبو ثورٍ، والطَّبريُّ: يُؤمَرُ برَجْعتِها إذا طلَّقها حائضًا، ولا يُجبرُ على ذلكَ (٢).

وقال مالكٌ وأصحابُهُ: يُجبَرُ على مُراجعتِها إذا طلَّقها في الحَيْضِ، وفي (٣) دم النِّفاسِ.

وهُو أولى، لِما يَقْتضيهِ الأمرُ من وُجُوبِ الائتِمارِ، واستِعمالِ المأمُورِ ما أُمِرَ به، حتّى يُخرِجَهُ عن حَيِّز (٤) الوُجُوبِ دليلٌ، ولا دليلَ ها هُنا على ذلك، والله أعلمُ.

وقال داودُ بن عليٍّ: كلُّ من طلَّقَ امرأتَهُ حائضًا، أُجبِرَ على رَجْعتِها، وإن طَلَّقها نُفَساءَ، لم يُجبَر على رَجْعتِها.

وهذا إذا طَلَّقها واحدةً، أوِ اثْنَتينِ، عندَ جَميعِهِم.

وجُملةُ قولِ مالكٍ وأصحابِهِ في هذه المسألةِ: أنَّ الحائضَ والنُّفساءَ لا يجُوزُ طَلاقُ واحدةٍ منهُما حتّى تَطْهُر، فإن طلَّقَها زَوْجُها في دَم حَيْضٍ، أو دم نِفاسٍ طَلْقةً، أو طَلْقتينِ، لَزِمهُ ذلك، وأُجبِرَ على الرَّجعةِ أبدًا، ما لم تخرُجْ من عِدَّتِها، وسَواءٌ أدركَ ذلك في تلكَ الحَيْضةِ التي طلَّق فيها، أوِ الطُّهرِ الذي بَعدَهُ،


(١) انظر: الأم للشافعي ٥/ ١٩٣، ومسائل أحمد وإسحاق للكوسج ٤/ ١٥٧١ (٩٤٢) و ٤/ ١٧٥٣ (١١٣٠)، والمدونة لسحنون ٢/ ٥، واختلاف الفقهاء للمروزي ص ٢٣٨، والإشراف لابن المنذر ٥/ ١٨٣، ومختصر اختلاف العلماء ٢/ ٣٧٨. وانظر فيها ما بعده.
(٢) شبه الجملة "على ذلك" لم يرد في د ٤.
(٣) في م: "أو في".
(٤) في د ٤: "خبر"، وفي م: "جبر".

<<  <  ج: ص:  >  >>