للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عُمر: من ذهَبَ إلى هذا المذهبِ، يقولُ في معنى قولِهِ عليه السَّلامُ: "فاقدِرُوا لهُ": إنَّ التَّقديرَ في ذلك يكونُ إذا غُمَّ على النّاسِ ليلةَ ثلاثينَ من شعبانَ، بأن يعرِفَ مُسْتَهلَّ الهِلالِ في شعْبانَ، في أوَّلِ ليلةٍ، ويعلمُ أنَّهُ يمكُثُ فيها سِتَّةَ أسباع ساعةٍ، ثُمَّ يغيبُ، وذلكَ في أدنى مُفارَقتِهِ الشَّمس، ولا يزالُ في كلِّ ليلةٍ يزيدُ على مُكْثِهِ في اللَّيلةِ التي قبلَها سِتَّةَ أسباع ساعةٍ، فإذا كان في اللَّيلةِ السّابِعةِ غابَ في نِصفِ اللَّيل، وإذا كان ليلةُ أربع عشرَةَ، تأخَّر سِتَّةَ أسباع ساعَةٍ، ولا يزالُ في كلِّ ليلةٍ يتأخَّرُ طُلُوعُهُ عن الوَقْتِ الذي طلَعَ فيه في اللَّيلةِ التي قبلها سِتَّةَ أسباع ساعَةٍ (١) إلى أن يكونَ طُلُوعُهُ ليلةَ ثمانٍ وعِشرينَ معَ الغَداةِ، فإن لم يُرَ صُبْحَ ثمانٍ وعِشرينَ، عُلِمَ أنَّ الشَّهرَ ناقِصٌ، وإنَّهُ من تِسْع وعِشرينَ (٢)، وإن رُئيَ، عُلِم أنَّهُ تامٌّ، وأنَّ عِدَّتهُ ثلاثُونَ يومًا.

وقال: وقد يُتعرَّفُ أيضًا بمُكْثِ (٣) الهِلالِ في ليالي النِّصْفِ الأوَّلِ من الشَّهرِ، ومَغيبِهِ من اللَّيلِ، وأوقاتِ طُلُوعِهِ ليالي النِّصفِ الآخرِ من الشَّهرِ، وتأخُّرِهِ عن أوَّلِ اللَّيلِ، بضَرْبٍ آخَرَ من العِلم، والعمَلِ عندَهُم، ويُتعرَّفُ أيضًا من المنازِلِ، فإنَّ الهِلالَ إذا طَلَعَ أوَّل ليلةٍ من شعبانَ في الشَّرَطَين (٤)، فكان شعبانُ ناقِصًا، طلَعَ في البُطَينِ (٥) ونحوِ هذا.

قال أبو عُمر: يُمكِنُ أن يكونَ ما قالهُ هذا القائلُ على التَّقريبِ، لأنَّ أهلَ التَّعديلِ والامْتِحانِ يُنكِرُونَ أن يكونَ هذا حَقِيقةً وإذا (٦) لم يكُن حَقِيقةً، وكانتِ


(١) هذه اللفظة سقطت من م.
(٢) من قوله: "مع الغداة" إلى هنا سقط من الأصل.
(٣) في الأصل: "مُكثُ"، والمثبت من ظا، وهو الأليق.
(٤) الشَّرطان: نجمان، يقال لهما: قرنا الحَمَل، يظهران في أول الربيع. انظر: المعجم الوسيط، ص ٤٧٩.
(٥) البُطَين: منزل من منازل القمر، وهو ثلاثة كواكب صغار، مستوية التثليث، كأنها أثافي.
انظر: المعجم الوسيط، ص ٦٢.
(٦) في م: "لذا".

<<  <  ج: ص:  >  >>