للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَجتهِدُ الحاكمُ في وضع غَلَّتِها وكِرائِها بعدَ مَرَمَّتِها (١)، ولا يُباعُ ولا يورثُ شيءٌ من العقارِ إذا جَرَى عليه اسمُ الصدقةِ الحُبُس (٢). ولفظُ الولدِ في التَّحبيسِ يدخُلُ فيه ولدُ الولدِ أبدًا، وكذلك لَفْظُ البناتِ يدخُلُ فيه بناتُ البنين أبدًا، إذا اجتَمَعوا، ولا يُفضَّلُ الأعيانُ إلَّا على قدرِ الحاجة، وليسَ ولدُ البناتِ من العَقِبِ ولا من الولَدِ، إذ ليسُوا من العَصَبات. هذا كلُّه تحصيلُ مذهبِ مالكٍ وأصحابه، إلّا أنّ عن بعضِ البغداديِّينَ المالكيِّينَ خلافًا في بعض هذا (٣)، والحمد للَّه.

قال أحمدُ بنُ المعذَّل: قيل لمالك: فلو قال في صدَقَتِه: هذا (٤) حُبُسٌ على فُلان، هل تكونُ بذلك محُبَّسةً؟ قال: لا؛ لأنّها لمن ليسَ بمجهول، وقد حبَّسها على فُلان، فهي عُمْرَى؛ لأنّه أخبَر أن تَحبيسَها غيرُ ثابتٍ ولا دائم، وأنّه إلى غاية. قيل: فلو قال: هي صَدقةٌ محُبَّسةٌ، وفلانٌ يأخذُها ما عاش؟ قال: إذنْ تكونَ مُحبَّسة. قال: وكذلك لو قال (٥): هي صدقةٌ على فُلانٍ وهي مُحبَّسةٌ.

والألفاظُ التي بها يَنقطِعُ مِلكُ الشيءِ عن ربِّه، ولا يعودُ إليه أبدًا، عندَ مالكٍ وأصحابِه، أن يقول: حبُسٌ صدقةٌ، أو حبُسٌ لا يُباع، أو حبُسٌ على أعقابٍ ومجهولين، مثلَ الفقراءِ والمساكين، أو في سبيلِ اللَّه. فإنَّ هذا كلَّه عندَهم مؤبَّدٌ، لا يَرجعُ مِلكًا أبدًا. وأمّا إذا قال: سُكنَى، أو عُمرَى، أو حياةَ المحبَّس عليه، أو إلى أجلٍ من الآجال. فإنّها ترجعُ ملكًا إلى صاحبِها، أو إلى ورثتِه، ولا يكونُ حبسًا مؤبَّدًا. ومعنَى قولِ مالك: في أقربِ الناسِ بالمحبَّس، يريدُ: عَصَبَتَه.


(١) الرَّمُّ: إصلاح الشيء الذي فسد بعضُه، من نحو حَبْل يَبْلى فتَرُمُّه، أو دار تَرُمُّ شأنها مَرَمّةً. تهذيب اللغة ١٥/ ١٣٨.
(٢) المدوّنة ٤/ ٤٢٢.
(٣) ينظر: المدوّنة ٤/ ٣٩٣، ٤٢٠.
(٤) في ق: "هي".
(٥) قوله: "لو قال" لم يرد في الأصل، وهو ثابت في ق، ف ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>