للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يَسْمَعْه عروةُ مِن عائشة، وإن كان حمَّادُ بنُ زيدٍ قد انفَرَد بذلك، فإنَّه ثِقَةٌ فيما نقَل، وبالله التوفيق.

قال أبو عُمر: الاضطرابُ عن عائشةَ في حديثها في الحجِّ عظيمٌ، وقد أكثرَ العلماءُ في توجِيهِ الرِّواياتِ فيه، ودفَع بعضُهم بعضًا ببعض، ولم يستَطيعوا الجمعَ بينَها (١)، ورام قومٌ الجمعَ بينَها في بعضِ مَعانِيها، وكذلك أحاديثُها في الرَّضَاع مُضطَربَةٌ أيضًا. وقال (٢) بعضُ العلماء في أحادِيثها في الحجِّ والرَّضَاع: إنَّما جاء ذلك مِن قِبَلِ الرُّواة. وقال بعضُهم: بل جاء ذلك منها. فاللهُ أعلم.

وروَى محمدُ بنُ عُبيد، عن حمَّادِ بنِ زيد، عن أيوب، عن ابنِ أبي مُلَيكَةَ قال: ألا تَعْجَبُ مِن اختلافِ عروةَ والقاسِم؟ قال القاسِمُ: أهَلَّتْ عائشةُ بالحجِّ. وقال عروةُ: أهَلَّتْ بعُمرة (٣).

وذكَر الحارِثُ بنُ مِسْكين، عن يُوسفَ بنِ عمرٍو (٤)، عن ابنِ وَهْب، عن مالك، أنَّه قال في حديثِ عروةَ، عن عائشةَ في الحجِّ: ليس عليه العَمَلُ عندَنا قديمًا ولا حديثًا، ولا نَدْري أذلك كان ممَّن حدَّثَه أو مِن غيرِه؟ لم نَجِدْ (٥) أحدًا مِن الناسِ أفْتَى بهذا.


(١) وهذا بخلاف ما ذهب إليه النَّووي، فقال: "والجمع بين الرِّوايات ممكن، فأحرمَتْ أوَّلًا بالحجِّ كما صحَّ عنها في رواية الأكثرين، وكما هو الأصحُّ من فِعْل النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وأكثر أصحابه، ثم أحرَمَتْ بالعُمرة حين أمر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أصحابه بفَسخ الحجِّ إلى العُمرة. وهكذا فسَّره القاسم في حديثه فأخبر عروةُ عنها باعتمادها في آخِر الأمر، ولم يذكُره أوَّلَ أمرها"؛ إلى أن قال: "فيتعيَّن تأويل قوله: "ارفضي عمرتكِ" على ما ذكرناه من رفض العمل فيها وإتمام أفعالها، والله أعلم".
(٢) من هنا إلى قوله: "من قبل الرواة" سقط من ج.
(٣) أخرجه أحمد في العلل ٢/ ٣٨٩ (٢٧٣٧) من طريق أيوب السختياني، به.
(٤) في م: "عمر" محرَّف، وهو: يوسف بن عمرو بن يزيد الفارسي، أبو يزيد المصري، من رجال التهذيب.
(٥) في م: "غير أنا لم نجد"، والمثبت من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>