للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[البقرة: ١٩٦]؛ لأنَّها تكونُ قارِنَةً، ويكونُ عليها حينَئذٍ دَمٌ لقِرانِها. وهذا ما لا خِلافَ في جَوازِه، فالوَهَمُ الداخِلُ على عُروةَ في حديثه هذا إنَّما هو في قوله فيه: "انْقُضي رأسكِ، وامْتَشِطي، وأهِلَّي بالحجِّ، ودَعي العُمرةَ".

قال أبو عُمر: قد روَى حمادُ بنُ زيدٍ أنَّ هذا الكلامَ لم يَسْمَعْه عروةُ في حديثه ذلك مِن عائشةَ، فبيَّن مَوْضِعَ الوَهَن (١) فيه.

أخبرنا عبدُ الله بنُ محمدِ بنِ يُوسفَ وإبراهيمُ بنُ شاكرٍ، قالا: حدَّثنا محمدُ بنُ أحمدَ بنِ يحيى، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ خالدٍ، قال: حدَّثنا الحسنُ بنُ أحمد، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ عبيد، قال: حدَّثنا حمَّادُ بنُ زيدٍ، عن هشام بنِ عروةَ، عن أبيه، عن عائشةَ قالت: خرَجْنا معَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - مُوافينَ لهلالِ ذي الحِجَّة، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "من شاء أن يُهِلَّ بحجٍّ فلْيُهِلَّ، ومن شاء أن يُهِلَّ بعمرةٍ فلْيُهِلَّ". فمنَّا مَن أهلَّ بحَجٍّ، ومنا مَن أهَلَّ بعمرةٍ، حتى إذا كنتُ بسَرِفَ حِضْتُ، فدَخَل عليَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا أبكي، فقال: "ما شَأْنُكِ؟ "، فقلتُ: ودِدْتُ أنِّي لم أخْرُج العامَ. وذكَرَتْ لهُ مَحيضها، قال عروةُ: فحدَّثني غيرُ واحِدٍ أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال لها: "دَعِي عُمْرَتَكِ، وانْقُضي رأْسكِ، وامْتَشِطي، وافْعَلي ما يَفْعَلُ الحاجُّ المسلمونَ في حَجِّهم". قالت: فأطَعْتُ اللهَ ورسولَه. فلمَّا كانت ليْلَةُ الصَّدَرِ أمَرَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عبدَ الرحمنِ بنَ أبي بكرٍ، فأخْرَجَها إلى التَّنْعِيم، فأهَلَّتْ منه بعمرة (٢).

وفي روايةِ حمَّادِ بنِ زيدٍ، عن هشام بنِ عروةَ في هذا الحديثِ عِلَّةُ اللفظِ الذي عليه مَدارُ المخالِفِ في النُّكتَةِ التي بها يَسْتَجِيزُ رفضَ العُمرةِ، لأنَّه كلامٌ


(١) في م: "الوهم"، والمثبت من الأصل، وهو مجوّد فيه، والمقصود: الضعف.
(٢) أخرجه أبو داود (١٧٧٨)، والنسائي في المجتبى (٢٧١٧)، وفي الكبرى ٤/ ٣٩ (٣٦٨٣)، وابن خزيمة في صحيحه ٤/ ١٦٥ (٢٦٠٤) من طرق عن حمّاد بن زيد، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>