للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحتجُّوا أيضًا بقولِ الله عزَّ وجلَّ: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ} [المائدة: ١٠٣]. والحديث: "لا سائبةَ في الإسلام" (١). وبما رواه أبو قيسٍ، عن هُزَيلِ بن شُرَحبيل، قال: قال رجلٌ لعبدِ الله بن مسعودٍ: إنِّي أعتَقتُ غُلامًا لي سائبةً، فماتَ وترَك مالًا. فقال عبدُ الله: إنَّ أهلَ الإسلام لا يُسَيِّبون، إنَّما كانت تُسيِّبُ الجاهليّةُ، أنتَ وارِثُه ووليُّ نعمتِه (٢).

وقد روَى ابنُ جريج، عن عطاءٍ، أنَّ طارقَ بنَ المرقَّعِ كان أميرًا على مكَّةَ، فأعتَق سوائِبَ فماتوا، فجاءُوا بالميراثِ إلى عمرَ، فقال: أعطُوه ورَثَتَه، فأبَى الورَثَةُ أن يَقبلُوه، فاشتَرَوا به رِقابًا فأعتَقُوهم (٣).

قال أبو عمر: روَى شعبةُ، عن سلمةَ بنِ كُهيلٍ، قال: سمِعتُ أبا عمرٍو الشيبانيَّ قال: سمِعتُ عبدَ الله بنَ مسعودٍ يقولُ: السائبةُ يَضعُ مالَه حيثُ شاء (٤).

وهذا معناه أنَّ المعتِقَ له سائبةً لم يكنْ حيًّا ولا عَصَبَتُه، ومَن كانت هذه حالَه، فمَذهبُ ابن مسعودٍ فيه وفي كلِّ مَن لا وارِثَ له، أنَّه يَضَعُ مالَه حيثُ شاء.


(١) يُروى بهذا اللفظ عن ابن مسعود رضي الله عنه من قوله، ذكره محمد بن الحسن الشيباني في الموطأ بعد الحديث (٨٣٩).
(٢) أخرجه عبد الرزاق في المصنّف ٩/ ٢٥ (١٦٢٢٣) والبخاري (٦٧٥٣) من طريق عبد الرحمن بن ثروان أبي قيس الأوديّ، به.
(٣) أخرجه الشافعيُّ في الأُمّ ٤/ ١٣٩، ومن طريقه البيهقي في الكبرى ١٠/ ٣٠٠ (٢٢٠٠١) عن سفيان بن عيينة عن عبد الملك بن جريج، به. وعطاء بن أبي رباح لم يدرك عمر رضي الله عنه.
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنّف (٣٢٠٨٥)، والدارمي في سننه (٣١١٧)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ٤/ ٤٠٣ (٧٤٦٣)، وابن المنذر في الأوسط ٧/ ٥٢٨ (٦٩٤٦)، وابن الأعرابي في معجمه (٧٥٣)، والبيهقي في الكبرى ١٠/ ٣٠٢ (٢٢٠٠٩) من طرق عن شعبة بن الحجّاج، به. وإسناده إلى ابن مسعود رضي الله عنه صحيح. أبو عمرو الشيباني: هو سعد بن إياس.

<<  <  ج: ص:  >  >>