للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأجاز له أن يُوصِيَ بمالِه لمن شاء. وهو قولُ مسروقٍ، وعَبِيدةَ، والشعبيِّ، وأكثرِ أهلِ العراق (١).

وأمّا الذي يُسلِمُ على يدَي رجلٍ أو يُواليه، فإنَّ مالكًا، وأصحابَه، وعبدَ الله بنَ شُبْرُمةَ، والثوريَّ، والأوزاعيَّ، والشافعيَّ، وأصحابَه، قالوا: لا ميراثَ للذي أسلمَ على يَديْهِ، ولا ولاءَ له بحالٍ، وميراثُ ذلك المسلم إذا لم يَدَعْ وارثًا لجماعةِ المسلمين (٢). وهو قولُ أحمدَ وداودَ ولا ولاءَ إلّا للمُعتِقِ (٣). وحجّتُهم في ذلك قولُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: "الولاءُ لمَن أعتَق". قالوا: وهذا غيرُ مُعتِقٍ، فكيف يكونُ له ولاءُ مَن أسلَم على يَديْه!

ومن حُجَّتِهم أيضًا أنَّ الميراثَ بالمعاقدةِ مَنسوخٌ، فبطَل بذلك أنْ يُواليَ أحدٌ أحدًا؛ لأنَّ الولاءَ نَسَبٌ.

قال أشهبُ عن مالك: جاءَني رجلٌ من أهلِ مصرَ ذكَر أنَّ في يَدِه ألفَ دينارٍ مِن مالِ رجلٍ هلَك، وقد أسلَم على يَديْه، فقيل له: ليس لك هذا. فلا أُرَاه إلا ردَّها. قال أشهبُ: الرجلُ الذي جاء هو موسى بنُ عُلَيِّ بنِ رَبَاح.

وقال ربيعةُ بنُ أبي عبدِ الرحمن: إذا أسلَم رجلٌ كافرٌ على يدَي رجُلٍ مسلم بأرضِ العدوِّ، أو بأرضِ المسلمين، فميراثُه للذي أسلَم على يَدَيْه (٤).


(١) ينظر: المصنَّف لعبد الرزاق ٩/ ٦٩ (١٣٧٣)، وسنن سعيد بن منصور (٢١٩ - ٢٢٢)، والمصنَّف لابن أبي شيبة (٣٢٢٤٧)، وسنن الدارمي (٣١٢٢)، والأوسط لابن المنذر ٧/ ٥٢٩. وعبيدة: هو ابن عمرو السلماني الفقيه الكوفي الشهور.
(٢) ينظر: المدوّنة ٢/ ٥٦٠، والأُمّ للشافعي ٤/ ١٣٣، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٤/ ٤٤٤.
(٣) ينظر: مسائل الإمام أحمد رواية ابنه ابن صالح ٣/ ٣٠ (١٢٦٢)، ومسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهوية رواية إسحاق بن منصور الكوسج ٨/ ٤٢٣٩ و ٨/ ٤٤٥٨ (٣١٩٦)، والمغني لابن قدامة ٦/ ٤٣٤.
(٤) نقله عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن الطحاويُّ في مختصر اختلاف العلماء ٤/ ٤٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>