للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن أبي عَمْرٍو الشيبانيِّ، عن ابن مسعودٍ، قال: يضَعُ السائِبةُ مالَه حيثُ شاء (١).

وقال أبو العالية، والزُّهريُّ، ومكحولٌ، ومالكُ بنُ أنسٍ: لا ولاءَ عليه، ويَرِثُه المسلمون (٢).

وقال مالكٌ رحِمه الله: السائبةُ لا يُوالي أحدًا، وولاؤُه لجماعةِ المسلمين (٣). وحجَّتُه في أنَّه لا يُوالي أحدًا قولُه - صلى الله عليه وسلم -: "الولاءُ لمن أعتَق". ومعلومٌ أنَّ مَن تولَّاه السائبةُ لم يُعتِقْه، فكيف يكونُ له ولاؤُه!

وقال ابنُ شهابٍ، والأوزاعيُّ، والليثُ بنُ سعدٍ: له أن يُواليَ مَن شاء، فإن مات ولم يُوالِ أحدًا، فولاؤُه لجماعةِ المسلمين (٤). ومن حُجَّتِهم في ذلك قولُ عمرَ رضي اللهُ عنه: "لكَ ولاؤُه" (٥)؛ في المنبوذ. قالوا: فقام للصغيرِ مقامَه لنفسِه لو ميَّزَ مَوضِعَ الاختيارِ لها والدَّفع عنها، فجاز بذلك للكبير أن يُواليَ مَن شاء


(١) سيأتي تخريجه بعد قليل.
(٢) ينظر: المصنَّف لعبد الرزاق ٩/ ٢٧ (١٦٢٢٨)، و ٩/ ٢٨ (١٦٢٣٤) و (١٦٢٣٥)، ولابن أبي شيبة (٣٢٠٨٤) و (٣٢٠٨٧).
(٣) ينظر: المدوّنة ٢/ ٥٥٨.
(٤) ينظر: الأوسط لابن المنذر ٧/ ٥٢٩.
(٥) أخرجه مالك في الموطأ ٢/ ٢٨٢ (٢١٥٥) عن محمد بن شهاب الزُّهريّ عن سُنين أبي جميلة، رجل من بني سُليم: "أنه وجد منبوذًا في زمان عمر بن الخطاب، قال: فجئت به إلى عمر بن الخطاب، فقال: ما حملك على أخْذِ هذه النَّسَمة؟ فقال: وجدتُها ضائعةً، فأخذتُها، فقال له عريفُه: يا أمير المؤمنين، إنه رجلٌ صالحٌ، فقال له عمرُ: أكذلك؟ قال: نعم، فقال عمر بن الخطاب: اذهبْ، فهو حرٌّ، ولك ولاؤه، وعلينا نفقتُه".
وأخرجه عن مالك الشافعي في الأمّ ٤/ ٧٤ و ٧/ ٢٤٥، وعبد الرزاق في المصنّف ٩/ ١٤ (١٦١٨٢).
وعلّقه البخاري في صحيحه، قبل الحديث (٢٦٦٢)، وقال الحافظ ابن حجر في تغليق التعليق ٣/ ٣٩١: "ورواه معمر وغيرُه أيضًا عن الزُّهري، وإسناده صحيح". قلنا: ورواية معمر بن راشد عند عبد الرزاق ٧/ ٤٥٠ (١٣٨٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>