للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ففرَّ إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - يومَ حاصَر الطائفَ، فأعتَقَه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فلمَّا أسلَم غَيلانُ ردَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ولاءَ نافعٍ إليه (١).

قال أبو عمر: كان أهلُ الطَّائفِ حربِيِّين يومَئذٍ، وما خرَج عنهم من أموالِهم إلى المسلمين كان للمسلمين، وجائزٌ أن يكونَ هذا قبلَ نَهْيِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيعِ الولاءِ وهِبَتِه، ونَهيُه - صلى الله عليه وسلم - عن بيعِ الولاءِ وهبتِه أقوَى من هذا، وباللّه التوفيقُ.

وقال الشافعيُّ: في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنّما الولاءُ لمَن أعتَق". بيانُ أنَّ الولاءَ لا يكونُ إلّا لمعتِق، ويُوجِبُ أن يكونَ الولاءُ لكلِّ مُعتِق، كافِرًا كان أو مسلمًا؛ لأنَّه قد جعَله - صلى الله عليه وسلم - كالنَّسَب، فكما منَع اختلافُ الأديانِ من التَّوارثِ مع صِحَّةِ النَّسبِ، فكذا منَع من التوارثِ مع صِحَّةِ الولاءِ وثبوتِه، فإذا اتفقا على الإسلام توارثا، وليس اختلافُ الأديانِ ممَّا يَمنَعُ من الولاءِ ولا يَدفعُه، كما أنَّ اختلافَ الأديانِ لا يَمنَعُ النَّسبَ، ولكنَّه يَمنَعُ الميراثَ كما تمَنَعُه العبوديَّةُ والقتلُ عمدًا. قالوا: فولاءُ المسلمِ على الكافرِ ثابتٌ، وولاءُ الكافرِ على المسلمِ ثابتٌ إذا أعتقَه، بقولِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: "الولاءُ لمَن أعتَق". قالوا: ولا يُزيلُ إسلامُ عبدِ النصرانيِّ مِلكَه عنه، وإنَّما يَمنَعُ استقرارَه واستِدامتَه، ألَا ترَى أنَّه إذا بِيعَ عليه


(١) أخرجه البزار كما في كشف الأستار ٢/ ١١٠ من طريق عمرو بن خالد الحرّاني، به.
وأخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٥/ ٥٠٦، والطبراني في الكبير ١٨/ ٢٦٣ (٦٥٩) من طريق الوليد بن مسلم عن عبد الله بن لهيعة، به.
وأخرجه ابن مندة في معرفة الصحابة ص ٧٥٧، وأبو نعيم في معرفة الصحابة ٣/ ١٣٨٢ (٣٤٩٢) من طريق عبد الله بن وهب المصري عن ابن لهيعة، به. وهو عند أبي نعيم في معرفة الصحابة ٥/ ٢٦٧٦ (٦٤٠٧) من طريق عبد الله بن المبارك عن ابن لهيعة، به. وأخرجه البيهقي في الكبرى ١٠/ ٣٠٨ (٢٢٠٥٠) من طريق يحيى بن يحيى النيسابوري عن ابن لهيعة، به. وإسناده ضعيف لجهالة حال عروة بن غيلان بن سلمة الثقفي، وضعف ابن لهيعة؛ وقال الهيثمي في المجمع ٤/ ٢٣١ بعد أن عزاه للبزار: "وفيه عروة بن غيلان، ولم أعرفه وبقيّة رجاله ثقات".

<<  <  ج: ص:  >  >>