للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وروَى الربيع، عن الشافعيِّ في العَرِيّة إذا بِيعَت وهي خمسةُ أوْسُق، قال: فيها قولان؛ أحدُهما، أنّه جائز. والآخَرُ، أنَّ البيعَ لا يَصحُّ إلّا ما دونَ خمسةِ أوْسُق.

وقال المُزنيُّ (١): يلزَمُه على أصل قولِه أن يُفسخَ البيعُ من خمسةِ أوْسُق فما زاد؛ لأنّها شَكٌّ، وأصْلُ بيع التَّمْر في رؤوسِ النَّخْل بالتَّمْر حَرام، فلا يَحِلُّ منه إلّا ما اسْتُوفِيَتِ الرُّخصَةُ فيه، وذلك ما دونَ خمسةِ أوْسُق. وإلى هذا ذهَب المُزنيُّ، وأبو الفرج المالكيُّ. واحتَجَّ أبو الفَرج بحديثِ جابرٍ في الأربعةِ الأوسق، وسنَذكُرُه في آخرِ هذا الباب إن شاء الله.

ولا عَرِيّةَ عندَ الشافعيِّ وأصحابِه (٢) في غير النَّخْل والعِنَب؛ لأنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - سنَّ الخرصَ في ثمرتِهما، وأنّه لا حائلَ دونَ الإحاطَةِ بهما. قال الشافعيُّ (٣): ولا تُباعُ العَرِيّةُ بالتَّمْرِ إلّا بأنْ تُخْرَصَ العَرِيّةُ كما تُخْرَصُ للعُشْر، فيقال: فيها الآن رُطبًا كذا، وإذا يَبِس كان تَمْرًا (٤) كذا. فيَدْفَعُ من التمرِ مَكِيلَةَ خَرْصِها تَمْرًا، ويَقْبِضُ النَّخْلة بتَمْرِها قبلَ أنْ يفتَرِقا، فإنِ افترَقا قبلَ دفعِه فَسَد البيع. قال (٥): ويَبيعُ صاحبُ الحائطِ من كلِّ مَن رُخِّص له أن يشتَرِيَه بالتَّمْرِ وإن أتى على جميع حوائطِه.

قال أبو عُمر: يعني مَن لا ذَهَبَ عندَه ولا وَرِقَ ولا عَرْضَ غيرَ التَّمْرِ أو الزَّبِيب، وبه حاجَةٌ إلى الرُّطَبِ أو إلى العِنَب، فافْهَم.

وقولُ أبي ثورٍ في العَرايا كقول الشافعيِّ سواء، واحتَجَّ أبو ثَوْرٍ لاختيارِ قول الشافعيِّ، فقال: وذلك أنّ يَزيدَ بنَ هارونَ أخبرنا، عن يحيى بنِ سعيد، عن نافع،


(١) في مختصره ٨/ ١٧٩.
(٢) الأمّ ٣/ ٦٦، ومختصر المُزنيّ ٨/ ١٧٩.
(٣) الأمّ ٣/ ٥٤، وينظر: مختصر المُزني ٨/ ١٧٩.
(٤) لفظة "تمرًا" لم ترد في الأم ولا في مختصر المزني.
(٥) كما في مختصر المُزنيّ ٨/ ١٧٩، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٣/ ١٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>