للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عن ابنِ عُمر، عن زيدِ بنِ ثابت قال: رَخَّص رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في بيع العَرايا بخَرْصِها كَيْلًا يأكُلُها أهْلُها رُطَبًا (١). هكذا ذكَرَ في هذا الحديث، ثم أردَفَه عن الشافعيِّ بحديثِ ابنِ عُيَيْنة، عن يحيى بنِ سعيد، عن بُشَيرِ بنِ يَسار، عن سَهل بنِ أبي حَثْمَة، على ما ذكَرْناه في كتابنا هذا (٢).

وأمّا أحمدُ بنُ حَنْبل فحَكَى عنه أبو بكر الأثرَم، قال (٣): سمعتُ أبا عبدِ الله يُسألُ عن تَفسير العَرايا، فقال: أنا لا أقولُ فيها بقول مالك، وأقول: العَرايا أن يُعرِيَ الرجلُ الجارَ أو القرابةَ للحاجَةِ والمسْكَنَة، فإذا أعْراه إيّاها فللمُعْرَى أن يَبيعَها ممّن شاء، إنّما نَهى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن المُزابَنة، وأرْخَص في العرايا، فرَخَّص في شيءٍ من شيء، فنَهى عن المُزابَنةِ أن تُباعَ من كلِّ أحَد، ورَخَّص في العَرايا أن تُباعَ من كلِّ أحَد، فيَبيعُها ممّن شاء. ثم قال: مالكٌ يقولُ ببيعِها من الذي أعْراها إيّاه، وليس هذا وجهَ الحديثِ عندي، ويَبيعُها ممّن شاء. قال: وكذلك فسَّرَه لي سُفيانُ بنُ عُيَيْنة وغيرُه.

قال الأثرم: وسمعتُ أبا عبدِ الله يقول: العَرِيّةُ فيها مَعْنيانِ لا يجوزانِ في غيرها؛ فيها أنها رطبٌ بتمرٍ وقد نَهى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، وفيها أنّها تَمْرٌ بثَمَر، يُعلَمُ كَيلُ التَّمْرِ ولا يُعْلَمُ كَيْلُ الثَّمَر، وقد نَهى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فهذا لا يجوزُ إلّا في العَرِيّة.


(١) أخرجه أحمد في المسند ٣٥/ ٥١٢ (٢١٦٥٦)، وابن الجارود في المنتقى (٦٦٠)، وأبو عوانة في المستخرج ٣/ ٢٩٦ (٥٠٤٦) من طريق يزيد بن هارون، به.
وهو عند البخاري (٢٣٨٠)، ومسلم (١٥٣٩) (٦١ - ٦٣)، وابن ماجة (٢٢٦٩)، والنسائي (٤٥٣٨) من طريق يحيى بن سعيد الأنصاريّ، به.
(٢) سلف تخريجه.
(٣) كما في المغني لابن قدامة ٤/ ٤٧، وبمثل ما سمعه الأثرم من أحمد بن حنبل نقل عنه ابنه صالح في مسائله ٣/ ١٩٥، المسألة (١٦٣٩)، وينظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٣/ ١٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>