للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رِوَايَةٍ، وَالشَّافِعِيُّ وَالْأَصَمُّ: يَحِلُّ أَكْلُ مَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ عَمْدًا كَانَ التُّرْكُ أَوْ نِسْيَانًا. وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَطَاوُسُ أَيْضًا وَابْنُ شِهَابٍ وَابْنُ جُبَيْرٍ وَعَطَاءٌ فِي رِوَايَةٍ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حُيَيٍّ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَإِسْحَاقُ وَمَالِكٌ فِي رِوَايَةٍ، وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ وَابْنُ أَبِي الْقَاسِمِ وَعِيسَى وَأَصْبُغُ: يُؤْكَلُ إِنْ كَانَ التَّرْكُ نَاسِيًا وَإِنْ كَانَ عَمْدًا لَمْ يُؤْكَلْ وَاخْتَارَهُ النَّحَّاسُ وَقَالَ: لَا يُسَمَّى فَاسِقًا إِذَا كَانَ نَاسِيًا

وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ جَوَازُ أَكْلِ ذَبِيحَةِ النَّاسِي لِلتَّسْمِيَةِ

، وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَقَالَ أَشْهَبُ وَالطَّبَرِيُّ: تُؤْكَلُ ذبيحة تارك التسمية عمدا إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُسْتَخِفًّا. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْآيِذِيُّ: يُكْرَهُ أَكْلُ ذَبِيحَةِ تَارِكِ التَّسْمِيَةِ عَمْدًا وَتَحْتَاجُ هَذِهِ التَّخْصِيصَاتُ إِلَى دَلَائِلَ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ ظَاهِرُهُ لِعُمُومِ الْآيَةِ وَهُوَ مَتْرُوكُ التَّسْمِيَةِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ: إِنَّهُ الْمَيْتَةُ وَعَنْهُ أَنَّهُ الْمَيْتَةُ وَالْمُنْخَنِقَةُ إِلَى وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ، وَقَالَ عَطَاءٌ: ذَبَائِحُ لِلْأَوْثَانِ كَانَتِ الْعَرَبُ تَفْعَلُ ذَلِكَ، وَقَالَ ابْنُ بَحْرٍ: صَيْدُ الْمُشْرِكِينَ لِأَنَّهُمْ لَا يُسَمُّونَ عِنْدَ إِرْسَالِ السَّهْمَ وَلَا هُمْ مِنْ أَهْلِ التَّسْمِيَةِ. قَالَ الحسن: لَفِسْقٌ لكفر، قَالَ الْكِرْمَانِيُّ: يُرِيدُ مَعَ الاستحلال وقال غيره لفسق الْمَعْصِيَةُ وَالضَّمِيرُ فِي وَإِنَّهُ عَائِدٌ إِلَى الْمَصْدَرِ الدَّالِّ عَلَيْهِ تَأْكُلُوا أَيْ وَإِنَّ الْأَكْلَ قَالَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَجَوَّزَ مَعَهُ الْحَوْفِيُّ فِي أَنْ يَعُودَ عَلَى مَا مِنْ قَوْلِهِ: مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ وَجَوَّزَ مَعَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ أَنْ يَعُودَ عَلَى الذِّكْرِ الَّذِي تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ لَمْ يُذْكَرِ، انْتَهَى.

وَمَعْنَى أَنَّهُ عَائِدٌ عَلَى الْمَصْدَرِ الْمَنْفِيِّ كَأَنَّهُ قِيلَ: وَإِنَّ تَرْكَ الذِّكْرِ لِفِسْقٌ وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ لَا مَوْضِعَ لَهَا مِنَ الْإِعْرَابِ وَتَضَمَّنَتْ مَعْنَى التَّعْلِيلِ فَكَأَنَّهُ قِيلَ لِفِسْقِهِ.

وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ أَيْ وَإِنَّ شَيَاطِينَ الْجِنِّ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَثِيرٍ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: مَرَدَةُ الْإِنْسِ مِنْ مَجُوسِ فَارِسَ وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ كِتَابَتِهِمْ إِلَى قُرَيْشٍ أَيْ لَيُوَسْوِسُونَ إِلَى كَفَّارِ قُرَيْشٍ بِإِلْهَامِهِمْ تِلْكَ الْحُجَّةَ فِي أَمْرِ الذَّبَائِحِ الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا، أَوْ عَلَى أَلْسِنَةِ الْكُهَّانِ فِي زَمَانِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ بِقَوْلِهِمْ: وَلَا تَأْكُلُونَ مَا قَتَلَهُ اللَّهُ، وَبِهَذَا تَرَجَّحَ تَأْوِيلُ مَنْ تَأَوَّلَ بِالْمَيْتَةِ انْتَهَى. وَالْأَحْسَنُ حَمْلُ الْآيَةِ عَلَى عَدَمِ التَّخْصِيصِ بِمَا ذَكَرُوهُ بَلْ هَذَا إِخْبَارٌ أَنَّ مَا صَدَرَ مِنْ جِدَالِ الْكُفَّارِ لِلْمُؤْمِنِينَ وَمُنَازَعَتِهِمْ فَإِنَّمَا هُوَ مِنَ الشَّيَاطِينِ يُوَسْوِسُونَ لَهُمْ بِذَلِكَ وَلِذَلِكَ خُتِمَ بِقَوْلِهِ:

وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ أَيْ وَإِنْ أَطَعْتُمْ أَوْلِيَاءَ الشَّيَاطِينِ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ لِأَنَّ طَاعَتَهُمْ طَاعَةٌ لِلشَّيَاطِينِ وَذَلِكَ إِشْرَاكٌ وَلَا يَكُونُ مُشْرِكًا حَقِيقَةً حَتَّى يُطِيعَهُ فِي الِاعْتِقَادِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>