للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ نَوْفٌ الشَّامِيُّ: هُوَ الْجَارُ الْمُسْلِمُ.

وَالْجارِ الْجُنُبِ هُوَ: الْجَارُ الْيَهُودِيُّ، وَالنَّصْرَانِيُّ. فَهِيَ عِنْدَهُ قَرَابَةُ الْإِسْلَامِ، وَأَجْنَبِيَّةُ الْكُفْرِ. وَقَالَتْ فِرْقَةٌ، هُوَ الْجَارُ الْقَرِيبُ الْمَسْكَنِ مِنْكَ، وَالْجُنُبُ هُوَ الْبَعِيدُ الْمَسْكَنِ مِنْكَ. كَأَنَّهُ انْتُزِعَ مِنَ

الْحَدِيثِ الَّذِي فِيهِ: إِنَّ لِي جَارَيْنِ فَإِلَى أَيِّهِمَا أُهْدِي؟ قَالَ: «إِلَى أَقْرَبِهِمَا مِنْكَ بَابًا» .

وَقَالَ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ: وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى أُرِيدَ بِهِ الْجَارُ الْقَرِيبُ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَهَذَا خَطَأٌ فِي اللِّسَانِ، لِأَنَّهُ جَمَعَ عَلَى تَأْوِيلِهِ بَيْنَ الْأَلِفِ وَاللَّامِ وَالْإِضَافَةِ، وَكَانَ وَجْهُ الْكَلَامِ: وَجَارِ ذِي الْقُرْبَى انْتَهَى. وَيُمْكِنُ تَصْحِيحُ قَوْلِ مَيْمُونٍ عَلَى أَنْ لَا يَكُونَ جَمْعًا بَيْنَ الْأَلِفِ وَاللَّامِ وَالْإِضَافَةِ عَلَى مَا زَعَمَ ابْنُ عَطِيَّةَ بِأَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: ذِي الْقُرْبَى بَدَلًا مِنْ قَوْلِهِ: وَالْجَارِ، عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ التَّقْدِيرُ: وَالْجَارِ جَارِ ذِي الْقُرْبَى، فَحَذَفَ جَارِ لِدَلَالَةِ الْجَارِ عَلَيْهِ، وَقَدْ حَذَفُوا الْبَدَلَ فِي مِثْلِ هَذَا. قَالَ الشَّاعِرِ:

رَحِمَ اللَّهُ أَعْظُمًا دَفَنُوهَا ... بِسِجِسْتَانَ طَلْحَةَ الطَّلَحَاتِ

يُرِيدُ: أَعْظُمَ طَلْحَةِ الطَّلَحَاتِ. وَمِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ: لَوْ يَعْلَمُونَ الْعِلْمَ الْكَبِيرَةِ سَنَةً، يُرِيدُونَ: عِلْمَ الْكَبِيرَةِ سَنَةً. وَالْجُنُبُ: هُوَ الْبَعِيدُ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِبُعْدِهِ عَنِ الْقَرَابَةِ. وَقَالَ: فَلَا تَحْرِمَنِّي نَائِلًا عَنْ جَنَابَةٍ. وَالْمُجَاوَرَةُ مُسَاكَنَةُ الرَّجُلِ الرَّجُلَ فِي مَحَلَّةٍ، أَوْ مَدِينَةٍ، أَوْ كَيْنُونَةُ أَرْبَعِينَ دَارًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، أَوْ يُعْتَبَرُ بِسَمَاعِ الْأَذَانِ، أَوْ بِسَمَاعِ الْإِقَامَةِ، أَقْوَالٌ أَرْبَعَةٌ ثَانِيهَا:

قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ.

وَرَوَى فِي ذَلِكَ حَدِيثًا أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «أَمَرَ مُنَادِيَهُ يُنَادِي: «أَلَا إِنَّ أَرْبَعِينَ دَارًا جِوَارٌ، وَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ»

وَالْمُجَاوَرَةُ مَرَاتِبُ، بَعْضُهَا أَلْصَقُ مِنْ بَعْضٍ، أَقْرَبُهَا الزَّوْجَةُ. قَالَ الْأَعْشَى:

أَجَارَتَنَا بِينِي فإنك طالقة وقرىء: وَالْجَارَ ذَا الْقُرْبَى. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: نَصْبًا عَلَى الِاخْتِصَاصِ كما قرىء حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى «١» تَنْبِيهًا عَلَى عِظَمِ حَقِّهِ لِإِدْلَائِهِ بِحَقَّيِ الْجِوَارِ وَالْقُرْبَى انْتَهَى، وَقَرَأَ عَاصِمٌ فِي رِوَايَةِ الْمُفَضَّلِ عَنْهُ: وَالْجَارِ الْجَنْبِ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ النُّونِ، وَمَعْنَاهُ الْبَعِيدُ. وَسُئِلَ أَعْرَابِيٌّ عَنِ الْجَارِ الْجُنُبِ فَقَالَ: هُوَ الَّذِي يَجِيءُ فَيَحِلُّ حَيْثُ تَقَعُ عينك عليه.


(١) سورة البقرة: ٢٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>