الْجَاهِلِيَّةِ، وَأَمَّا الْإِيلَاءُ الشَّرْعِيُّ بِسَبَبِ وَطْءِ النِّسَاءِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ الْحَلِفُ أَنْ لَا يَطَأَهَا أَبَدًا، وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَالنَّخَعِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَالْحَكَمُ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَحَمَّادُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَإِسْحَاقُ: هُوَ الْحَلِفُ أَنْ لَا يَقْرَبَهَا يَوْمًا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، ثُمَّ لا يطأها أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، فَتَبِينَ مِنْهُ بِالْإِيلَاءِ.
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ: هُوَ الْحَلِفُ أَنْ لَا يَطَأَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، وَبَعْدَ مُضِيِّهَا يَسْقُطُ الْإِيلَاءُ، وَيَكُونُ الطَّلَاقُ، وَلَا تَسْقُطُ قَبْلَ الْمُضِيِّ إِلَّا بِالْفَيْءِ، وَهُوَ الْجِمَاعُ فِي دَاخِلِ الْمُدَّةِ.
وَقَالَ الْجُمْهُورُ: هُوَ الْحَلِفُ أَنْ لَا يَطَأَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، فَإِنْ حَلَفَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، أَوْ مَا دُونَهَا، فَلَيْسَ بِمُولٍ، وَكَانَتْ يَمِينًا محضا، لو وطأ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَسَائِرِ الْأَيْمَانِ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَأَبِي ثَوْرٍ.
وَالظَّاهِرُ مِنَ الْآيَةِ أَنَّ الْإِيلَاءَ هُوَ الْحَلِفُ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ وَطْءِ امْرَأَتِهِ مُطْلَقًا، غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِزَمَانٍ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ، شُمُولُ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ، وَالسَّكْرَانِ وَالسَّفِيهِ، وَالْمُوَلَّى عَلَيْهِ غَيْرُ الْمَجْنُونِ، وَالْخَصِيُّ غَيْرُ الْمَجْبُوبِ، وَمَنْ يُرْجَى مِنْهُ الْوَطْءُ، وَكَذَا الْأَخْرَسِ بِمَا يُفْهَمُ عَنْهُ مِنْ كِنَايَةٍ أَوْ إِشَارَةٍ.
وَاخْتُلِفَ فِي الْمَجْبُوبِ فَقِيلَ: لَا يَصِحُّ إِيلَاؤُهُ وَقِيلَ: يَصِحُّ، وَأَجَلُ إِيلَاءِ الْعَبْدِ كَأَجَلِ إِيلَاءِ الْحُرِّ لِانْدِرَاجِهِ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ: لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَقَالَ عَطَاءٌ، وَالزُّهْرِيُّ، وَمَالِكٌ، وَإِسْحَاقُ: أَجَلُهُ شَهْرَانِ وَقَالَ الْحَسَنُ، وَالنَّخَعِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ: إِيلَاؤُهُ مِنْ زَوْجَتِهِ الْأَمَةِ شَهْرَانِ، وَمِنَ الْحُرَّةِ أَرْبَعَةٌ وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: أَجَلُ إِيلَاءِ الْأَمَةِ نِصْفُ إِيلَاءِ الْحُرَّةِ.
وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: يُؤْلُونَ، مُطْلَقُ الْإِيلَاءِ، فَيَحْصُلُ، سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ قَصَدَ بِهِ إِصْلَاحَ وَلَدٍ رَضِيعٍ، أَوْ لَمْ يَقْصِدْ، وَسَوَاءٌ كَانَ فِي مُغَاضَبَةٍ وَمُسَارَّةٍ، أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَقَالَ عَطَاءٌ، وَمَالِكٌ:
إِذَا كَانَ لِإِصْلَاحِ وَلَدٍ رَضِيعٍ فَلَيْسَ يَلْزَمُهُ حُكْمُ الْإِيلَاءِ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ
، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي أحد قوبه، والقول الآخر: أنه لا اعْتِبَارَ بِرَضَاعٍ، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ.
وَقَالَ عَلِيٌّ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَالْحَسَنُ، وَعَطَاءٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَاللَّيْثُ: شَرْطُهُ أَنْ لَا يَكُونَ فِي غَضَبٍ
. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، الْإِيلَاءُ فِي غَضَبٍ وَغَيْرِ غَضَبٍ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَهُوَ الْأَصَحُّ لِعُمُومِ الْآيَةِ، وَلِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ الظِّهَارَ وَالطَّلَاقَ وَسَائِرَ الْأَيْمَانِ سَوَاءٌ فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَى، وَكَذَلِكَ