للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[شرح ديكنقوز]

وهى الصاد والضاد والظاء "مستعلية مطبقة" أما استعلاؤها فلارتفاع اللسان بها إلى الحنك، وأما إطباقها فلانطباق اللسان معها على الحنك الأعلى فظهر مما ذكرنا أن الاسمين المذكورين مجازان؛ لأن المستعلية والمطبقة في الحقيقة، إنما هو اللسان فمعناه مستعل عنده اللسان ومثل هذا الافتقار كثير في اللغة كما قيل للمشترك فيه مشترك "والثلاثة الأخيرة"؛ أي الخاء والغين والقاف "مستعلية فقط"؛ أي بدون الإطباق فلا يلزم من الاستعلاء الإطباق، ويلزم من الإطباق الاستعلاء فالمستعلية عام والمطبقة خاص "والتاء" عطف على الصاد "من المنخفضة" وهى ما لا يستعلى بها اللسان إلى الحنك عند النطق بها وهذا الاسم مجاز أيضا وحروفها ما عدا حروف المستعلية قوله: "فجعل التاء طاء" حاصل المعنيين أحداهما لم يبق التاء على حالها وثانيهما قلبت الطاء تاء، كما أن قوله: يجوز فيه اصطبر حاصل لهما كما أشرنا إليه ثمة فقوله: "لمباعدة بينهما"؛ أي بين الصاد والتاء في صفة الاستعلاء والانخفاض، وفي صفة الشدة والرخاوة، ولأن التاء حرف شديد والصاد رخوة فيعم الجمع بينهما في التلفظ علة للمعنى الأول "وقرب التاء من الطاء في المخرج" علة للمعنى الثاني، وقد عرفت أن البعد بين الحرفين في صفة يوجب تعسر النطق بهما فقلبوا التاء حرفا يوافق ما قبله في الصفة، وهو الطاء قصدا لازالة تعسر النطق "فصار اصطبر" وإنما لم يعد اللام في المعطوف هناك كما أفاده في بحث ادان لقرب المعطوف عليه هناك "كما في ست أصله سدس" بدليل سديس وأسداس "فجعل السين والدال تاء لقرب السين من التاء في المهموسية و" لقرب "التاء من الدال في المخرج" والشدة هذا تشبيه في قلب حرف حرفا لمباعدة بين القلوب، وما يقارنه من وجه لمقاربة بينه وبين المقلوب إليه من وجه آخر فإن بين السين والدال مباعدة في صفة الجهر وفيصفة الشدة فلإزالة هذه المباعدة لم تترك السين على حالها، وقلبت تاء لمقاربة بينهما في الهمس، ولم يترك الدال أيضا على حاله لمباعدة بينه وبين التاء في المهموسية ولم يذكر المباعدة في المشبه به؛ أي سدس اعتمادا على فهم المتعلم مع أن المباعدة بين الدال والتاء قد ذكرت في بحث ادان وقلبت تاء لمقاربة بينهما في المخرج "ثم أدغم" التاء في التاء "فصار ست ثم يجوز لك الإدغام في اصطبر بجعل الطاء صادا نظرا إلى اتحادهما في الاستعلائية"؛ أي في النسبة إلى الاستعلاء "نحو اصبر، ولا يجوز لك الإدغام فيه بجعل الصاد طاء لعظم الصاد" في امتداد الصوت


[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا
"مستعلية ومطبقة والثلاثة الأخيرة" وهى الحاء والغين والقاف "مستعلية فقط" وإنما سميت بذلك؛ لأن اللسان يعلو بها إلى الحنك، والمنخفضة ما عدا هذه السبعة فتكون اثنين وعشرين حرفا، ومعنى الانخفاض فيها يفهم مما ذكر في الاستعلاء فهي ما لا يرتفع اللسان بها إلى الحنك فلا يحصل الانطباق ولذلك سميت بها؛ لأن اللسان لا يعلو بهن وقوله: "والتاء من المنخفضة" عطف على قوله؛ لأن الصاد من المستعلية. "قاعدة" إذا وقعت تاء الافتعال بعد أحد الحروف الأربعة التى هى الحروف المطبقة المستعلية، وهى الصاد والضاد والطاء والظاء تقلب وجوبا طاء مهملة، كما تقلب إذا وقعت بعد الدال والذال والزاي دالا مهملة كما مر، وذلك لما بين حروف الأطباق وبين التاء من التضاد والتنافر وجمع المتضادين ثقيل فطلبوا حرفا من مخرج التاء يوافق الحروف المطبقة في الأطباق؛ ليسهل النطق بها وهو الطاء، ولم يعكسوا لما مر من أن التاء زائدة والزائدة أولى بالتصرف وصورها أربع؛ أحدها ما يكون فاء الفعل صادا، وثانيها ما يكون فاء الفعل ضادا نحو اضرب، وثالثها ما يكون فاء الفعل طاء نحو اطلب، ورابعها ما يكون فاء الفعل ظاء نحو اظلم وسيأتي تفاصيلها وإذا تقرر عندك هذه القاعدة فنقول إن اصطبر من الصورة الأولى؛ لأن أصله اصتبر "فجعل التاء طاء لمباعدة بينهما"؛ لأن الصاد من المستعلية المطبقة والتاء من المنخفضة وبينهما مباعدة وتضاد، والجمع بين المتضادين ثقيل فوجب إبدال التاء إلى حرف من مخرجه يوافق الصاد في الإطباق وهو الطاء، فجعل التاء طاء، وإليه أشار بقوله: "وقرب التاء من الطاء في المخرج فصار اصطبر كما في ست أصله سدس"؛ لأن تصغيره سديس "فجعل السين" الأخيرة أولا "والدال" أيضا ثانيا "تاء لقرب السين من التاء في مهموسية"، وقيل: لما بينهما من التقارب في المخرج؛ لأن السين من المخرج التاسع من مخارج الفم، والتاء في المخرج الثامن منها أيضا كما مر، فلا واسطة بينهما "و" قرب "التاء من الدال في مخرج" فاجتمع حرفان من جنس واحد "ثم أدغم" الأولى في الثانية "فصار ست" بتشديد التاء، والتشبيه في جعل التاء دالا؛ يعني بجعل التاء في اصتبر طاء لعلة ذكرناها، كما يجعل الدال تاء في ست لتلك العلة، وتفصيله أنه لما جعلت السين الأخيرة تاء لقربها من التاء في المهموسية واجتمع الدال والتاء وهما متضادان؛ لأن الدال من المجهورات والتاء من المهموسة وبينهما تضاد، فوجب قلب إحداهما إلى حرف من مخرجه ليوافق الأخرى، فقلبوا الدال تاء وأدغموا الأولى في الثانية فصار ست قوله: "ثم يجوز ذلك الإدغام" معطوف على قوله: فصار اصطبر؛ أي أبعد صيرورته اصطبر يجوز لك الأدغام فيه "يجعل الطاء صادا" على خلاف القياس "نظرا إلى اتحادهما في"صفة "الاستعلائية" وإن لم يتحدا في الذات ولا في المخرج "نحو اصبروا" لكن "لا يجوز" لك "الادغام" فيه "بجعل الصاد طاء" على وفق القياس "لعظم الصاد" من الطاء في امتداد الصوت؛ لأن الصاد من حروف الصفير والطاء ليس منها، وقد مر أن حروف الصفير لا تدغم في غيرها

<<  <   >  >>