"على الاستتار" بسبب دلالة الحروف في الثلاثة الأخيرة كما عرفت، واشتقاق الأمر من المخاطب "وقبح" بالواو والأولى بالفاء؛ يعني لما كان استتار الضمير واجبا في هذه الأربعة قبح أن تسند إلى الفاعل الظاهر ويقال: افعل زيد وتفعل زيد وأفعل زيد ونفعل زيدون" وأما ما عدا هذه الأربعة فيجوز أن يسند إلى فاعل ظاهر أيضا فلا يقبح أن يقال: ضرب زيد وضربت هند ومررت برجل ضارب غلامه. "فصل في المستقبل": الاستقبال في اللغة ضد الاستدبار وهو التوجه فالمستقبل في اللغة ما يتوجه إليه، فالقبلة في قولنا: زيد يستقبل القبلة هو المستقبل؛ لأنه يتوجه إليه والمستقبل من الزمان هو الآتي منه؛ لأنه يتوجه إليه ويتوقع مجيئه، وفي الاصطلاح فعل يتعاقب على أوله الزوائد الأربع، والمراد من الزوائد الأربع حروف أتين كما يجيء فبقولنا: فعل يسقط الاعتراض بمثل يزيد ويشكر علمين، وبقولنا: يتعاقب على أوله الزوائد خرج مثل أمر ونصر وترك ويسر. واعلم أنه لا شك في أن زيادة هذه الحروف على الماضي والمستقبل لقصد معنى غير معنى الماضي، وهو الزمان الحاضر والزمان الآتي أو هما معا، وإلا لما احتيج إلى تلك الزيادة فلا ينتقض الحد بمثل أكرم وتدحرج وتقاعد؛ لأن زيادة هذه الحروف فيها لنقل الفعل من باب إلى باب؛ إما لقصد التعدية أو للمبالغة أو لغيرهما لا لقصد معنى غير الماضي فتدبر "وهو" أي المستقبل "أيضا" كالماضي "يجيء على أربعة عشر وجها" والقياس أن يجيء على ثمانية عشر وجها أيضا؛ ستة للغيبة وستة للمخاطب وستة للمتكلم، لكنه اكتفى بلفظين في المتكلم لعدم الالتباس كما في الماضي، فبقي أربعة عشر وجها "نحو يضرب إلى آخره" أي يضربان يضربون تضرب تضربان يضربن تضرب تضربان تضربن أضرب نضرب "ويقال له مستقبل وجود معنى الاستقبال في معناه" فإن يضرب مثلا يدل على الحدث وعلى الزمان الآتي "ويقال له مضارع؛ لأنه مشابه" ومعنى المضارعة في اللغة المشابهة مشتقة من الضرع كأن كلا الشبيهين ارتضعا من ضرع واحد فهما أخوان رضاعا، فيكون المناسبة بين المعنى اللغوي والاصطلاحي مرعية "بضارب" يعني يقال للمستقبل مضارع؛ لأنه مشابه باسم الفاعل لفظا واستعمالا أما لفظا فهو "في الحركات" أي الثلاثة "والسكنات" وأيضا في عدد الحروف، وإنما جمع السكنات إما للمشاركة للحركات وإما لإضمحلال معنى الجمعية بدخول الألف واللام، كما بين في الأصول كما إذا حلف لا أشتري العبيد يحنث باشتراء عبد واحد، ولا يلزم اعتبار ذلك في الحركات ولو سلم لا يضر المقصود فافهم، وأما استعمالا فمن وجهين عبر عن أولهما بقوله: "ووقوعه" أي موقعه في كونه "صفة للنكرة" نحو: مررت برجل ضارب وضرب وعن ثانيهما بقوله: "وفي دخول لام الابتداء" عليه "نحو: إن زيد القائم و" إن زيد "ليقوم" وأيضا يشبه اسم الفاعل في مبادرة الفهم في كل منهما إلى الحال عند الاطلاق نحو: زيد مصل وزيد يصلي قوله: "أو باسم الجنس" عطف على بضارب؛ يعني يقال للمستقبل مضارع؛ لأنه مشابه باسم الجنس معنى "في العموم والخصوص؛ يعني أن اسم الجنس يختص بلام العهد" يعني أن اسم الجنس مثل: رجل شائع في أمته ثم يختص بواحد بعينه بدخول لام العهد