وبين المجهورة والمهموسة تضاد والجمع بين المتضادين ثقيل، وهذا معنى قوله: لبعده من الدال في المهموسية فوجب قلب إحداهما إلى حرف يوافق الأخرى؛ طلبا للخفة فأبدلوا التاء حرفا من مخرحه وهو الدال ولم يعكسوا لما ذكرنا في القاعدة، وهذا معنى قوله: ولقرب الدال من التاء في المخرج ثم أدغم الدال الأولى الأصلية في الدال الثانية المنقلبة من التاء على سبيل الوجوب؛ لأنه اجتمع مثلان أولاهما ساكنة فصار ادان بتشديد الدال ومعناه استقرض، وهذا معنى قوله: يلزم حينئذ حرفان من جنس واحد فيدغم هذا ما فهمته من كلام المحقق ابن الحاجب تغمده الله بغفرانه موافقا لما ذكره المصنف، وقيل: لا يجوز قلب الدال تاء وإدغام التاء في التاء؛ لأنه لو فعل كذلك لم يعلم أنه من الدين أم لا. واعلم أن كل كلمة جاز فيه الإدغام بقلب الثاني إلى الأول على خلاف القياس ولم يجز فيه الإدغام بقلب الأول إلى الثاني على القياس يكون فيها شذوذان؛ أحداهما قلب الثاني إلى الأول، والثاني امتناع القياس وهو قلب الأول إلى الثاني، ولذلك قال بعضهم: إن مثل ادان واسمع شاذ على الشاذ "و" من الصورة الثانية "نحو اذكر" بعد النسيان بالذال المعجمة؛ لأن أصله اذتكر على وزنه افتعل، فأبدلوا من التاء دالا لما ذكرنا من أن الذال من المجهورة والتاء من المهموسة وبينهما تضاد فأرادوا التوافق بينهما، وأبدلوا من مخرج التاء حرفا مجهورا وهو الدال المهملة فاجتمع مع الذال المعجمة وهما مجهورتان فتوافقا في الصفة لا في الذات ولا في المخرج، ولذا جاز الإدغام والبيان وإليه أشار بقوله: "يجوز فيه ادكر" بالدال المهملة بقلب الأول إلى الثاني، كما يجوز اذكر بالذال المعجمة بقلب الثاني إلى الأول على خلاف القياس، لكن الأول أقوى وأفصح لكونه على وفق القياس ومجيئه في التنزيل قال الله تعالى: {وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ} "و" يجوز أيضا "اذدكر" بفك الإدغام قوله: "لأن الدال والذال من" الحروف "المجهورة" إلى آخره دليل على جواز الوجوه الثلاثة، والمجهورة هى احروف التى لا يجري النفس معها ويحتبس عند النطق بها على خلاف المهموسة، وإنما سميت مجهورة لارتفاع الصوت بها وسبب ارتفاع الصوت بها كونها حروفا اتسعت وقوي الاعتماد عليها فى موضعها حتى بلغ الصوت أن يجهر معها؛ لأن الجهر الصوت المرتفع، وإنما لم يبين المجهورة كما بين المهموسة بقوله: ستشحثك خصفة؛ لأنها تعلم من المهموسة؛ لأن الحروف تنحصر في المجهورة والمهموسة، وجملة الحروف تسعة وعشرون والمهموسة عشرة فبقي تسعة عشر وهي المجهورة، فلا نعيدها لظهورها، وإنما اختار ذلك ولم يعكس لقلة الحروف المهموسة، والجوهري جمعها في قولك: ظل قوربض إذا غز اجند مطيع "فجعل التاء دالا كما في ادان"؛ أي لبعده من الدال في المهموسية ولقرب الدال من التاء في المخرج وقد عرفت معناه "فيجوز لك الإدغام نظرا إلى اتحادهما" اتحاد الذال والمعجمة والمهملة "في المجهورية بجعل الدال" المهملة "ذالا" معجمة فيجتمع ذالان ثم أدغم الأولى في الثانية فصار اذكر بالذال المعجمة المشددة "و" جعل "الذال" المعجمة "دالا" مهملة ثم أدغم فيها بعدها فصار ادكر الدال المهملة المشددة "و" يجوز لك "البيان" وهو إظهار كل واحد من الدال والذال نحو اذدكر لا بيان كل واحد من التاء والذال؛ إذ قلب التاء دالا واجب كما مر "نظر إلى عدم اتحادهما"؛ أي الدال والذال "في الذات و" لا في المخرج وإن اتحد في "الصفة" ومن الصورة الثانية "نحو ازان" بمعنى تزين وأصله ازتين فقلبت الياء دالا طلبا للتوافق بينهما كما مر في الصورتين الأوليين، فيكون ازان "مثل اذكر" في جواز جميع ما ذكر فيه "ولكن لا يجوز الإدغام" في ازان "بجعل الزاي دالا" يعني لما قلبت التاء دالا اجتمع فيه الزاي المعجمة والدال المهملة، والقياس حينئذ جواز الوجوه الثلاثة؛ أي الإدغام بقلب الأولى إلى الثانية وبالعكس والبيان كما في اذكر، ولكن لم يجز الإدغام بجعل الزاي دالا مع أن القياس جوازه