"وقيل" إنما لا يدغم حيي في بعض اللغات؛ لأن "الياء الأخيرة غير لازمة"؛ أي غير ثابتة في الكلمة دائما "لأنها تسقط تارة نحو حيوا" أصله حييوا فما أسكنت الياء الثانية بنقل ضمها إلى الياء الأولى بعد سلب حركتها، فالتقى ساكنان وهما الواو والياء فحذفت الياء؛ لأن الواو وعلامة الجمع فصار حيوا، وفيه إعلال آخر وهو أنه حذفت ضمة الياء لثقلها على الياء فالتقى ساكنان فحذفت الياء لما ذكرنا ثم ضمت الياء الأولى لأجل الواو كذا قيل "وتقلب" ألفا "تارة" أخرى لتحركها وانفتاح ما قبلها "نحو يحيي" أصله يحيي بضم الياء الثانية وفتح الأولى فلما لم تكن ثابتة في الكلمة دائما لم تكن مدغما فيها لا في الماضي ولا في المضارع "و" الضرب "الثاني" من الضروب لثلاثية "أن يكون" الحرف "الأول ساكنا" والثاني متحركا "يجب فيه الإدغام ضرورة"؛ أي اضطرار؛ لأن المثلين إذا اجتمعا وكان الأول منهما ساكنا فيهما عمل واحد وهو الإدغام لا غير فيكون الإدغام ضروريا ابتداء بخلاف ما إذا كانا متحركين فإن فيهما عملين إسكان الأول والإدغام، واعلم أن ما ذكره المصنف ليس على إطلاقه، بل هو بناء على الغالب أو بيان بالنسبة إلى ذات المثلين مع قطع النظر من مانع خارجي، وذلك لأن الهمزتين إذا اجتمعا لا يدغم إحداهما في الأخرى وإن كان الأولى منهما ساكنة لاستثقالهما فيقال املأ إناه بفك الإدغام إلا أن يكون عينين فإنهما يدغمان كسأل ورأس، وهذا معنى قول سيبويه: الهمزتان ليس فيهما إدغام في قولك: قرأ أبوك وأقرأ أباك؛ لأنهما لم يقعا موقع العين وكذا الألف لا يدغم في مثله؛ لأنه ساكن ولا يدغم ساكن في ساكن ولو حركت لخرجت عن كونها ألفا، وأيضا يمتنع الإدغام في الألف مطلقا؛ إذ لا يتصور أن تكون مدغمة في شيء من الحروف ولا أن يدغم فيها غيرها، أما امتناع كونها مدغمة فلوجوب محافظة ما فيها من اللين، وأما امتناع كونها مدغما فيها فلأن المدغم فيه لا بد أن يكون متحركا، والألف لا يكون إلا ساكنا، وكذا لا تدغم في مثل قوول مجهول قاول مع أنه اجتمع فيه حرفان متجانسان أولاهما ساكنة للالتباس؛ لأنه لو أدغم وقيل قول لم يعلم هل هو فعل بتشديد العين أو فوعل مجهول فاعل فروعي أصلها، وكذا لا يدغم في نحو قالوا وما في يوم وإن اجتمع حرفان من جنس واحد أولاهما ساكنة؛ لأنهم كرهوا الإدغام فيه لما يؤدي إليه من زوال المد الذي هو من صفتها في هذا المحل؛ لأن الواو والياء من حروف المد وإبقاء المد تخفيف عندهم كذا قيل، فثبت أن ما ذكره المصنف ليس على إطلاقه "نحو مد" مصدرا، قوله: "وهو على وزن فعل" بفتح الفاء وسكون العين إشارة إلى أن مدا مصدر لا فعل ماض؛ لأنه لو كان فعلا ماضيا كان الحرفان متحركين فلا يكون من هذا الضرب، بل من الضرب الأول بخلاف المصدر، فإن قلت: إن قوله على وزن فعل لا يفيد الإشارة إلى أن مدا مصدر لا فعل، بل يحتمل أن يكون العين فيه متحركا وساكنا، قلت: يعلم بالاعجام أن عينه ساكن لا يقال لو طرح قوله على وزن فعل واكتفى بقوله نحو مد يعلم بالاعجام أيضا أن مدا ها هنا مصدر، وأيضا الإعجام يترك كثيرا فلا اعتداد به؛ لأنا نقول لو طرح هذا القول واكتفى بقوله: نحو مد يلتفت إلى تفقد الإعجام زيادة الالتفات، فإذا قيل على وزن فعل يلزم تفقد الإعجام لزوما واضحا فيحفظ ولا يترك فيفيد الإشارة المذكورة، ومثل ذلك كثير لا يمكن إنكاره "و" الضرب "الثالث" من الضروب الثلاثة "أن يكون" الحرف "الثاني ساكنا" سكونا لازما ويكون الأول متحركا نحو: مددت وظللت "فالإدغام فيه"؛ أي في هذا الضرب الثالث "ممتنع لعدم شرط صحة الأدغام وهو تحرك" الحرف "الثاني"؛ لأنه لا يستقيم تحريك الثاني في مثل مددت "فمللت"؛ إذ لا يكون ما قبل الضمير الفاعل المتحرك إلا ساكنا كما مرو كذا إذا كانا في كلمتين نحو قولك رسول الحسن، فإن الأول متحرك والثاني لام التعريف وهى ساكنة، فيمتنع الإدغام لما ذكرنا من عدم شرط