الشافعية من أن هذا الحديث منسوخ بحديث ابن عباس وغيره مما ذكرنا، قالوا: ويدل على النسخ أن ابن عباس لم يصحب النبي - صلى الله عليه وسلم - محرمًا إلا في حجة الوداع، وحديث:«أفطر الحاجم والمحجوم» كان في يوم الفتح، كما جاء في بعض ألفاظه، ويؤيده حديث أبي سعيد وحديث أنس اللذان تقدم ذكرهما في أدلة المذهب الأول.
وقد اعتمد على هذا الجواب ابن حزم، والشيخ الألباني رحمهما الله على حديث أبي سعيد وحديث أنس - رضي الله عنهما -.
ويرد على هذا الجواب أن الراجح في حديث ابن عباس أنهما قضيتان:«احتجم وهو محرم»«احتجم وهو صائم»، وجمع بينهما بعض الرواة كما في "البخاري"، قرر ذلك الحافظ ابن حجر في "التلخيص".
وحديث أبي سعيد وأنس - رضي الله عنهما - فيهما ضعف كما تقدم.
فيبقى هذا الجواب احتمالًا، وهو أقوى الأجوبة، والله أعلم.
٢ - ما أجاب به الشافعي أيضًا، وتبعه الخطابي، وبعض الشافعية من أن المراد بحديث:«أفطر الحاجم والمحجوم» أنهما كانا يغتابان في صومهما كما جاء في بعض طرق الحديث، وعلى هذا التأويل يكون المراد بإفطارهما أنه ذهب أجرهما، كما قال بعض الصحابة لمن تكلم حال الخطبة:(لا جمعة له)، أي: ليس لك أجرها، وإلا فهي صحيحة مجزئة عنه، لكن لم يصح في الحديث أنهما كانا يغتابان (١)، فيبقى هذا
(١) أخرجه البيهقي (٤/ ٢٦٨)، من حديث ثوبان - رضي الله عنه -، وفي إسناده: يزيد بن ربيعة الرحبي، وهو متروك، وذكر الحافظ ابن حجر عن ابن المديني أنه قال: حديثٌ باطل.