للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَمَا أَحْيَا آدَابَ الْبَحْثِ وَالْمُنَاظَرَةِ فَوَضَعَ مَنْهَجُهُ وَأَلَّفَ مُقَرَّرَهُ فَكَانَ خِدْمَةً لِلْعَقِيدَةِ فِي أُسْلُوبِ بَيَانِهَا، وَكَيْفِيَّةِ إِثْبَاتِهَا وَالدِّفَاعِ عَنْهَا وَطُرُقِ الْإِقْنَاعِ بِمَا فِيهِ الْخِلَافُ.

كَمَا فَتَحَ أَبْوَابًا جَدِيدَةً وَأَحْدَثَ فُنُونًا طَرِيفَةً فِي عُلُومِ الْقُرْءَانِ مِنْ مِنْعِ الْمَجَازِ عَنِ الْمُنَزَّلِ لِلتَّعَبُّدِ وَالْإِعْجَازِ، إِثْبَاتًا لِمَعَانِي آيَاتِ الصِّفَاتِ عَلَى حَقِيقَتِهَا وَسَدَّ بَابَ تَعْطِيلِهَا عَنْ دَلَالَتِهَا إِجْرَاءً لِلنَّصِّ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَإِبْقَاءً عَلَيْهِ فِي دَلَالَتِهِ.

وَمِنْ دَفْعِ إِيهَامِ الِاضْطِرَابِ عَنْ آيِ الْكِتَابِ وَبَيَانِ تَصْدِيقِ آيِ الْكِتَابِ بَعْضَهُ بَعْضًا بِدُونِ تَعَارُضٍ وَلَا إِشْكَالٍ.

وَمِنْ تَسْلِيطِ أَضْوَاءِ الْبَيَانِ عَنْ تَفْسِيرِ الْقُرْءَانِ بِالْقُرْءَانِ رَسَمَ فِيهِ الْمَنْهَجَ السَّلِيمَ لِتَفْسِيرِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، تَفْسِيرِ كَلَامِ اللَّهِ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، وَأَبَانَ أَحْكَامَهُ وَحُكْمَهُ وَفَتَحَ كُنُوزَهُ وَأَطْلَعَ نَفَائِيهِ وَنَشَرَ دُرَرَهُ عَلَى طَلَبَةِ الْعِلْمِ.

وَكُلُّ ذَلِكَ فَتْحٌ جَدِيدٌ فِي عُلُومِ الْقُرْءَانِ لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً عَلَى هَذَا النَّسَقِ مِنْ قَبْلُ، وَلَمْ تَكُنْ تُدْرَسُ بِهَذَا الْمَثَلِ.

كَمَا أَنَّهُ فِي غُضُونِهَا صَحَّحَ مَفَاهِيمَ مُخْتَلِفَةً مِنْهَا أَنَّ الْمَنْطِقَ لَمْ يَكُنْ يُعْرَفُ عَنْهُ إِلَّا أَنَّهُ تَقْدِيمُ الْعَقْلِ عَلَى النَّقْلِ وَمُصَادَمَةُ النَّصِّ بِالرَّأْيِ، وَكَانَ فِعْلًا وَسِيلَةَ التَّشْكِيكِ فِي الْعَقِيدَةِ بِاسْتِخْدَامِ قَضَايَا عَقِيمَةٍ. فَهَذَّبَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ مِنْ أَبْحَاثِهِ وَأَحْسَنَ بِاسْتِخْدَامِهِ فَنَظَّمَ قَضَايَاهُ الْمُنْتِجَةَ وَرَتَّبَ أَشْكَالَهُ السَّلِيمَةَ وَاسْتَخْدَامَ قِيَاسَهُ فِي الْإِلْزَامِ. سَوَاءٌ فِي الْعَقِيدَةِ أَوْ أُصُولِ الْأَحْكَامِ، وَبَعْدَ أَنْ كَانَ يُسْتَخْدَمُ ضِدَّهَا أَصْبَحَ يَعْمَلُ فِي خِدْمَتِهَا. كَمَا وَضَّحَ ذَلِكَ فِي آدَابِ الْبَحْثِ وَالْمُنَاظَرَةِ.

مَوَاقِفُهُ مَعَ الْحَقِّ: كَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ قَوِيًّا صُلْبًا لَيِّنًا سَهْلًا.

كَانَ قَوِيًّا صُلْبًا فِي بَيَانِهِ، لَيِّنًا سَهْلًا فِي الرُّجُوعِ إِلَى مَا ظَهَرَ إِلَيْهِ مِنْهُ.

فِي بَعْضِ الْأَعْوَامِ الَّتِي حَجَجْتُهَا مَعَهُ رَحِمَهُ اللَّهُ قَدِمْنَا مَكَّةَ يَوْمَ سَبْعٍ مِنَ الشَّهْرِ، وَكَانَ مُفَرِدًا الْحَجَّ، وَفِي يَوْمِ الْعِيدِ صَحِبْتُهُ لِلسَّلَامِ عَلَى سَمَاحَةِ الْمُفْتِي رَحِمَهُ اللَّهُ بِمِنًى، فَسَأَلَهُ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ نُسُكِهِ فَقَالَ: جِئْتُ مُفْرِدًا الْحَجَّ وَقَصْدًا فَعَلْتُ، فَأَدْرَكَ الْمُفْتِي رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ وَرَاءَ ذَلِكَ شَيْئًا وَلَكِنْ تَلَطَّفَ مَعَ الشَّيْخِ وَقَالَ: أَهْوَ أَفْضَلُ عِنْدَكَ حَفِظَكَ اللَّهُ؟ فَأَجَابَ أَيْضًا

<<  <  ج: ص:  >  >>