(اتكايسوا) أَيْ مِنَ الْكِيَاسَةِ وَالتَّحَفُّظِ مِنْ خَطَرِ الْغَيْبَةِ وَيَقُولُ إِذَا كَانَ الْإِنْسَانُ يَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ يَأْتِي فِي صَحِيفَتِهِ، فَلَا يَأْتِي فِيهَا إِلَّا الشَّيْءُ الطَّيِّبُ.
وَمِمَّا لُوحِظَ عَلَيْهِ فِي سَنَوَاتِهِ الْأَخِيرَةِ تَبَاعُدُهُ عَنِ الْفُتْيَا، وَإِذَا اضْطُرَّ يَقُولُ: لَا أَتَحَمَّلُ فِي ذِمَّتِي شَيْئًا، الْعُلَمَاءُ يَقُولُونَ: كَذَا وَكَذَا.
وَسَأَلْتُهُ مَرَّةً عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنَّ الْإِنْسَانَ فِي عَافِيَةٍ مَا لَمْ يُبْتَلَ وَالسُّؤَالُ ابْتِلَاءٌ، لِأَنَّكَ تَقُولُ عَنِ اللَّهِ وَلَا تَدْرِي أَتُصِيبُ حُكْمَ اللَّهِ أَمْ لَا. فَمَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ نَصٌّ قَاطِعٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ أَوْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَبَ التَّحَفُّظُ فِيهِ.
وَيَتَمَثَّلُ بِقَوْلِ الشَّاعِرِ:
إِذَا مَا قَتَلْتَ الشَّيْءَ عِلْمًا فَقُلْ بِهِ ... وَلَا تَقُلِ الشَّيْءَ الَّذِي أَنْتَ جَاهِلُهْ
فَمَنْ كَانَ يَهْوَى أَنْ يُرَى مُتَصَدِّرًا ... وَيَكْرَهُ لَا أَدْرِي أُصِيبَتْ مُقَاتِلُهْ
وَفِي الْجُمْلَةِ، فَقَدْ كَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ خَيْرَ قُدْوَةٍ وَأَحْسَنَهَا فِي جَمِيعِ مَجَالَاتِ الْحَيَاةِ: فَكَانَ الْعَالِمَ الْعَامِلَ وَلَا أُزَكِّي عَلَى اللَّهِ أَحَدًا، وَقَدْ خَلَّفَ وَلَدَيْنِ فَاضِلَيْنِ أَدِيبَيْنِ يَدْرُسَانِ بِكُلِّيَّةِ الشَّرِيعَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ جَعَلَهُمَا اللَّهُ خَيْرَ خَلَفٍ لِخَيْرِ سَلَفٍ، وَاللَّهُ أَسْأَلُ أَنْ يُسْكِنَهُ فَسِيحَ جَنَّتِهِ وَيُوَسِّعَ لَهُ فِي رِضْوَانِ رَحْمَتِهِ وَأَنْ يُعْلِيَ مَنْزِلَتَهُ وَيَرْفَعَ دَرَجَتَهُ مَعَ الْعُلَمَاءِ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ، وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا.
وَنَفَعَنَا اللَّهُ بِعِلْمِهِ وَسَلَكَ بِنَا طَرِيقَةَ عَمَلِهِ بِمَا يُرْضِيهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنَّا، وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَى عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالسَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ. . . .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute