بِالتَّفَثِ: وَضْعَ إِحْرَامِهِمْ مِنْ حَلْقِ الرَّأْسِ، وَلُبْسِ الثِّيَابِ، وَقَصِّ الْأَظْفَارِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ» .
وَقَالَ أَيْضًا: وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: التَّفَثُ: حَلْقُ الْعَانَةِ وَنَتْفُ الْإِبِطِ، وَالْأَخْذُ مِنَ الشَّارِبِ، وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ، اهـ. وَنَحْوُ هَذَا كَثِيرٌ فِي كَلَامِ الْمُفَسِّرِينَ وَإِنْ فَسَّرَ بَعْضُهُمُ الْآيَةَ بِغَيْرِهِ.
وَعَلَى التَّفْسِيرِ الْمَذْكُورِ فَالْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى: أَنَّ الْأَظْفَارَ كَالشَّعْرِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُحْرِمِ، وَلَا سِيَّمَا أَنَّهَا مَعْطُوفَةٌ بِـ «ثُمَّ» عَلَى نَحْرِ الْهَدَايَا ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ وَالْمُرَادُ بِذِكْرِ اسْمِهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ التَّسْمِيَةُ عِنْدَ نَحْرِ الْهَدَايَا وَالضَّحَايَا، ثُمَّ رَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ قَوْلَهُ: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْحَلْقَ وَقَصَّ الْأَظَافِرِ وَنَحْوَ ذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَعْدَ النَّحْرِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ [٢ \ ١٩٦] ، وَقَدْ بَيَّنَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَنَّ مَنْ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَنْحَرَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. كَمَا بَيَّنَّاهُ مُوَضَّحًا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ، وَيُؤَيِّدُ التَّفْسِيرَ الْمَذْكُورَ الدَّالَّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا كَلَامُ أَهْلِ اللُّغَةِ.
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ فِي صِحَاحِهِ: التَّفَثُ فِي الْمَنَاسِكِ: مَا كَانَ مِنْ نَحْوِ قَصِّ الْأَظْفَارِ، وَالشَّارِبِ وَحَلْقِ الرَّأْسِ، وَالْعَانَةِ، وَرَمْيِ الْجِمَارِ، وَنَحْرِ الْبُدْنِ، وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: وَلَمْ يَجِئْ فِيهِ شِعْرٌ يُحْتَجُّ بِهِ انْتَهَى مِنْهُ.
قَالَ صَاحِبُ «الْقَامُوسِ» : التَّفَثُ مُحَرَّكَةٌ فِي الْمَنَاسِكِ: الشَّعَثُ، وَمَا كَانَ مِنْ نَحْوِ قَصِّ الْأَظْفَارِ، وَالشَّارِبِ، وَحَلْقِ الْعَانَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَكَكَتِفِ الشَّعِثِ وَالْمُغْبَرِّ، اهـ.
وَقَالَ صَاحِبُ «اللِّسَانِ» : التَّفَثُ: نَتْفُ الشَّعْرِ وَقَصُّ الْأَظْفَارِ، إِلَخْ.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَعْنَى التَّفَثِ: قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَهَذِهِ اللَّفْظَةُ غَرِيبَةٌ لَمْ يَجِدْ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِيهَا شِعْرًا، وَلَا أَحَاطُوا بِهَا خُبْرًا، لَكِنِّي تَتَبَّعْتُ التَّفَثَ لُغَةً فَرَأَيْتُ أَبَا عُبَيْدَةَ مَعْمَرَ بْنَ الْمُثَنَّى قَالَ: إِنَّهُ قَصُّ الْأَظْفَارِ وَأَخْذُ الشَّارِبِ، وَكُلُّ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ إِلَّا النِّكَاحَ، وَلَمْ يَجِئْ فِيهِ شِعْرٌ يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ صَاحِبُ «الْعَيْنِ» : التَّفَثُ: هُوَ الرَّمْيُ وَالْحَلْقُ، وَالتَّقْصِيرُ، وَالذَّبْحُ، وَقَصُّ الْأَظْفَارِ، وَالشَّارِبِ، وَالْإِبِطِ. وَذَكَرَ الزَّجَّاجُ وَالْفَرَّاءُ نَحْوَهُ، وَلَا أَرَاهُمْ أَخَذُوهُ إِلَّا مِنْ قَوْلِ الْعُلَمَاءِ، وَقَالَ قُطْرُبٌ: تَفَثَ الرَّجُلُ: إِذَا كَثُرَ وَسَخُهُ. قَالَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute