للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَدَنَةٌ.

وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: إِنْ كَانَ قَبْلَ عَرَفَةَ، فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَاةٌ، وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَتَانِ:

إِحْدَاهُمَا: يُجْزِئُهُمَا هَدْيٌ وَاحِدٌ.

وَالثَّانِيَةُ: عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا هَدْيٌ، وَقَالَ عَطَاءٌ وَإِسْحَاقُ: لَزِمَهُمَا هَدْيٌ وَاحِدٌ.

الْفَرْعُ الْعَاشِرُ: إِذَا جَامَعَ الْمُحْرِمُ بِعُمْرَةٍ قَبْلَ طَوَافِهِ: فَسَدَتْ عُمْرَتُهُ إِجْمَاعًا، وَعَلَيْهِ الْمُضِيُّ فِي فَاسِدِهَا وَالْقَضَاءُ وَالْهَدْيُ، فَإِنْ كَانَ جِمَاعُهُ بَعْدَ الطَّوَافِ، وَقَبْلَ السَّعْيِ فَعُمْرَتُهُ فَاسِدَةٌ أَيْضًا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ فَعَلَيْهِ إِتْمَامُهَا، وَالْقَضَاءُ وَالدَّمُ، وَقَالَ عَطَاءٌ: عَلَيْهِ شَاةٌ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْقَضَاءَ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إِنْ جَامَعَ الْمُعْتَمِرُ بَعْدَ أَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ لَمْ تَفْسُدْ عُمْرَتُهُ، وَعَلَيْهِ دَمٌ، وَإِنْ طَافَ ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ، فَسَدَتْ، وَعَلَيْهِ إِتْمَامُهَا وَالْقَضَاءُ وَدَمٌ، وَأَمَّا إِنْ كَانَ جِمَاعُهُ بَعْدَ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ، وَلَكِنَّهُ قَبْلَ الْحَلْقِ، فَلَمْ يَقُلْ بِفَسَادِ عُمْرَتِهِ إِلَّا الشَّافِعِيُّ.

قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَلَا أَحْفَظُ هَذَا عَنْ غَيْرِ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ: عَلَيْهِ دَمٌ، وَقَالَ مَالِكٌ: عَلَيْهِ الْهَدْيُ، وَعَنْ عَطَاءٍ: أَنَّهُ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَعْلَى. انْتَهَى بِوَاسِطَةِ نَقْلِ النَّوَوِيِّ.

وَأَظْهَرُ قَوْلَيْ أَهْلِ الْعِلْمِ عِنْدِي: أَنَّ الْمُحْرِمَةَ الَّتِي أَكْرَهَهَا زَوْجُهَا عَلَى الْوَطْءِ حَتَّى أَفْسَدَ حَجَّهَا أَوْ عُمْرَتَهَا بِذَلِكَ، أَنَّ جَمِيعَ التَّكَالِيفِ اللَّازِمَةَ لَهَا بِسَبَبِ حَجَّةِ الْقَضَاءِ مِنْ نَفَقَاتِ سَفَرِهَا فِي الْحَجِّ، كَالزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ وَالْهَدْيِ اللَّازِمِ لَهَا كُلَّهُ عَلَى الزَّوْجِ ; لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي تَسَبَّبَ لَهَا فِي ذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ بَانَتْ مِنْهُ، وَنَكَحَتْ غَيْرَهُ، وَأَنَّهُ إِنْ كَانَ عَاجِزًا لِفَقْرِهِ صَرَفَتْ ذَلِكَ مِنْ مَالِهَا، ثُمَّ رَجَعَتْ عَلَيْهِ بِذَلِكَ، إِنْ أَيْسَرَ، وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَعَطَاءٍ، وَمَنْ وَافَقَهُمْ، خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إِنَّ جَمِيعَ تَكَالِيفِ حَجَّةِ الْقَضَاءِ فِي مَالِهَا لَا فِي مَالِ الزَّوْجِ، وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ.

قَالَ الشَّيْخُ شِهَابُ الدِّينِ أَحْمَدُ الشِّلْبِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى تَبْيِينِ الْحَقَائِقِ، شَرْحِ كَنْزِ الدَّقَائِقِ فِي الْفِقْهِ الْحَنَفِيِّ مَا نَصُّهُ: قَالَ فِي «شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ» : أَمَّا الْمَرْأَةُ إِذَا كَانَتْ نَائِمَةً، أَوْ جَامَعَهَا صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ، فَذَلِكَ كُلُّهُ سَوَاءٌ، وَلَا تَرْجِعُ الْمَرْأَةُ مِنْ ذَلِكَ بِمَا لَزِمَهَا عَلَى الْمُكْرِهِ ; لِأَنَّ ذَلِكَ شَيْءٌ لَزِمَهَا فِيمَا بَيْنَهَا، وَبَيْنَ اللَّهِ غَيْرُ مَجْبُورٍ عَلَيْهِ كَرَجُلٍ أُكَرِهَ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>