للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مخالفوه عندما يريد أن يثبت الأحاديث التي نقلها الصادقون في تقديره وعلمه، فهو موقف شبيه بهذا الموقف وإن اختلفت النتائج في الموقفين.

٦٤٣- وبعد أن أثبت الشافعي أحاديث

"الشاهد واليمين" بروايتها متصلة ومرسلة اتجه إلى توثيقها من حيث متنها نفسه؛ ليرد على من يقولون بردها؛ لأنها تخالف كتاب الله عز وجل.

قال الإمام الشافعي: إنه ليس هناك تعارض بين الآية الكريمة: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} والحديث، وليس يعلم أن في هذه الآية تحريم القضاء بأقل من شاهدين؛ لأن الشاهدين اللذين أمر الله جل ثناؤه بهما يجب أن يكونا عدلين حرين مسلمين، ومع ذلك نجيز شهادة أهل الذمة، ولم نعتبر هذه مخالفة لكتاب الله، وأجزنا شهادة القابلة وحدها ولم نعتبرها مخالفة لكتاب الله.

٦٤٤- ويقول لمخالفيه: وهناك نظائر لهذا حكمتم فيها بما ليس في القرآن، ولم تعتبره مخالفًا، فقد قال الله تعالى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} ١، وقال عز ذكره: {ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} ٢ ومع هذا قلتم: إن الرجل إذا خلا بالمرأة، وأغلق بابًا أو أرخى سترًا، أو خلا بها في صحراء وهما يتصادقان ولم يمسها كان لها المهر وعليها العدة والقضاء باليمين مع الشاهد أبعد ما يكون خلافًا لظاهر القرآن من هذا مع هاتين الآيتين.

٦٤٥- وإن الله عز وجل قال: "شهيدين" و"رجل وامرأتان" ففيه دليل على ما تتم به الشهادة، حتى لا يكون على من أقام الشاهدين يمين، لا أنه حرم أن يحكم بأقل منهما.. ومن جاء بشاهد لم يحكم له بشيء، حتى يحلف معه، فهوحكم غير الحكم بالشاهدين -ومثله أن يدعي الرجل على الرجل حق فينكل المدعي عليه عن اليمين، فيلزمه عندك ما نكل عنه،


١ البقرة: ٢٣٧.
٢ الأحزاب: ٤٩.

<<  <   >  >>