للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعندنا إذا حلف المدعي مع شاهد فهو حكم بغير شهادة شاهد وامرأتين وشهادة شاهدين١.

٦٤٦- وقد حكم الله عز وجل في الزنا بأربعة، وجاءت بذلك السنة وقال الله عز وجل: {شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} وقد صار أهل العلم إلى ذلك؛ أي إلى إجازة أربعة في الزنا بالسنة واثنين في غير الزنا بالآية الكريمة، ولم يقولوا: إن واحدًا منهما نسخ الآخر ولا خالفه، وأمضوا كل واحد منهما على ما جاء فيه. وقد أجاز أهل العلم شهادة النساء وحدهن في عيوب النساء وغيرها من أمور النساء٢، بلا كتاب مضى ولا سنة، ولم يقل أحد إن الله تعالى أحد الشهادات، فجعل أقلها شاهدًا وامرأتين، ولا تجوز بناء عليه شهادة النساء لا رجل معهن.

ولم يقل أحد كذلك: إن هذا مخالف للقرآن والسنة، لا يجوز -إذن- أن نرد السنة في اليمين مع الشاهد، ونتأول القرآن، مع أننا لم نرد أثرًا بأقل من شاهد ويمين ولم نتأول القرآن، وهو ما روي عن علي كرم الله وجهه أنه أجاز شهادة القابلة٣.

٦٤٧- ثم قال لمخالفيه: إنكم تقضون: أنه من وجد مقتولًا في محلة، ولم تقم بينه على أحد منهم بعينه أنه قتله -يحلف من أهلها خمسون رجلًا خمسين يمينًا ويدفعون الدية هم وعواقلهم، في ثلاث سنين٤. فكيف تقضون بهذا مع أنكم تزعمون أن كتاب الله عز وجل يحرم أن يعطي مدع بأقل من شاهدين أو شاهد وامرأتين ... وأن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم تحرم أن يعطي مدع إلا بالبينة، وهي شاهدان أو شاهد وامرأتان، وتدل على أن اليمين براءة لمن حلف؟! ... وكيف تعطون بلا شاهد هنا -في القسامة- وأحلفتم ولم تبرءوا، فخالفتم الكتاب والسنة؟!.


١ اختلاف الحديث ص ٣٥٣ - ٣٥٤.
٢ ومنها إذا جاءت امرأة بولد، فأنكر الزوج، وقال: استعرته، ولم تلديه، فشهادة القابلة بأن المرأة ولدته تكفي "آداب الشافعي ص١٦٦".
٣ الأم ٧/ ١٠ وانظر ص١٤.
٤ مسألة القسامة. وقد مر تعريفها.

<<  <   >  >>