للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الحديث. إني لا أستطيع أن أدرك لماذا لم يعوض الشرق الإسلامي ما فاته في هذا الميدان؟ فلا تحتاج علوم الهندسة الحديثة إلى طبيعة عقلية خاصة، بل يتطلب الإلمام بها والتفوق فيها الخبرة وتوجيه الخبراء. لماذا لا يتعلم العالم الإسلامي ما تعلمناه في مجال التكنولوجيا، وفي مقابل هذا سوف يكون من الصعب علينا "نحن الغربيين" استعادة التعاليم الروحية التي فقدتها المسيحية بينما لم يزل الإسلام يحافظ عليها"١.

التنبؤ بانتصار الروم على الفرس:

بعث الله محمدًا برسالة الإسلام وهو في الأربعين من عمره ويقدر المؤرخون أن بدء الوحي كان حوالي عام ٦١٠م. وفي تلك الفترة كان عرب الجزيرة يعيشون على هامش الأحداث التي يصنعها ذلك الصراع الطويل بين القوتين العظميين في ذلك الزمان وهما الروم والفرس.

لقد كان صراعًا تميز بطول المعارك وشراستها وأدى إلى اضطراب الأحوال السياسية في منطقة الشرق الأدنى لمدة طويلة، ويقدم لنا المؤرخ الإنجليزي "ستيفن رنسيمان" صورة عن أحوال تلك الفترة من الصراع فيقول: "في سنة ٦٠٢ استوى على السلطة الرومانية فوكاس قائد إحدى الكتائب الإمبراطورية واغتصب العرش الإمبراطوري وطفح عهده بالهمجية وانعدام الكفاية والاضطراب، فبينما عانت القسطنطينية عهد إرهاب، ساد بالأقاليم ما نشب من الفتن والحروب الداخلية بين أحزاب الملعب في المدن وبين المذاهب الدينية المتنازعة.

وفي سنة ٦١٠ أزاح فوكاس عن العرش نبيل شاب ينتمي إلى أصل أرمني هو هرقل ابن حاكم إفريقية.

وفي نفس السنة أتم كسرى الثاني ملك الفرس استعداداته الحربية لغزو الإمبراطورية "الرومانية" وتقطيع أوصالها. استمرت الحروب الفارسية تسع عشرة سنة على


١ المرجع السابق: ص٣٢٣.

<<  <   >  >>