ثم تمضي السنون.. ثلاث عشرة سنة أو نحوها وإذا بالوليد بن المغيرة يقتل في غزوة بدر بضربة على أنفه.
لقد زهقت نفسه كافرًا -كما تنبأ القرآن- خلال سنوات تم خلالها تحول الكثيرين من الكفر إلى الإسلام.
وبالمثل كانت نبوءة القرآن في أبي لهب -عم النبي- والذي كان من أشد الناس عداوة له وإيذاء، فنزلت فيه سادسة السور نزولًا تنبأ له بالعذاب جزاء كفره المستمر فتقول:{تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ، مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ، سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ، وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ، فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ}[المسد] .
وكما هو معلوم فإن القرآن منذ بدأ تنزيله وآياته تذاع فور تلقيها، يقرؤه النبي على المؤمنين ويقرءونه جميعًا تعبدًا وتبركًا والتزامًا، فحين نزلت هذه السورة ذاع خبرها فورًا وكان أن سمعت بها أم جميل بنت حرب امرأة أبي لهب "فأقبلت حتى وقفت على أبي بكر. فقالت: يا أبا بكر. هجانا صاحبك. فقال أبو بكر: لا ورب هذه البنية "المسجد". ما ينطق بالشعر ولا يتفوه به".
والحق ما قاله أبو بكر، لأن الذي هجاها وتوعدها هي وزوجها أبا لهب إنما هو الله -سبحانه- ولو كانت الأمور تسير على هوى الرسول لآثر المهادنة ولين