للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الملائكة والبعث والجزاء، لكن المؤمنين من الناس يؤمنون بالغيب، فهم يؤمنون بهم وبما أثر عنهم ويؤمنون بالملائكة والقيامة والثواب والعقاب.

وإذا تصور الإنسان أنه يستطيع الاستغناء عن معرفة الماضي بكل ما فيه، فلا مجال على الإطلاق لإمكانية استغنائه عن معرفة المستقبل الذي ينتظره بعد الموت. إنه المستقبل الغيب، وهو المستقبل الخطير الذي يحدد مصيره الأيدي.

ويقودنا هذا إلى التسليم بأنه: إن لم يكن الغيب أولًا، فإنه الغيب أخيرًا.

من ذلك نتبين خطورة حديث الغيب في الكتب المقدسة، واعتباره برهان صدق على ما يأتي به الزمان بشرط -واحد على الأقل- أن يصدق حديثها عن كل ماض سبق أن تنبأت بشأنه من أحداث.

وللغيب في القرآن مقامه الذي يحظى به، ويكفي أن ننظر أول المصحف فتطالعنا هذه الآيات:

{الم، ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ، الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ، وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ، أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [البقرة: ١-٥] .

ولحديث الغيب في القرآن آيات تغني كل من يقبل الإيمان القائم على برهان، وأما أولئك الذين حددوا مسبقًا مواقفهم منه، وأصروا على الجحود والنكران، فقد صاروا بإرادتهم الحرة هم {الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ، وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} [يونس: ٩٦-٩٧] .

ففي قضية الإيمان يقول الحق: {وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ} [يونس: ١٠١] .

هذا.. ولسوف نعرض بعضا من أنباء غيب المستقبل الذي يتحدى به القرآن الكفار والجاحدين منذ نزل وحيًا على رسول الله حتى يأتي أخطر غيب في حياة البشر، ألا وهو يوم الدين.

<<  <   >  >>