إن مقارنة عديد من روايات التوراة مع روايات نفس الموضوعات في القرآن تبرز الفروق الأساسية بين دعاوى التوراة غير المقبولة علميًا وبين مقولات القرآن التي تتوافق تمامًا مع المعطيات الحديثة، ولقد رأينا دليلًا على هذا من خلال روايتي الخلق والطوفان.
ولا يستطيع الإنسان تصور أن كثيرًا من المقولات ذات السمة العلمية كانت من تأليف بشر، وهذا بسبب حالة المعارف في عصر محمد -صلى الله عليه وسلم- لذا فمن المشروع تمامًا أن ينظر إلى القرآن على أنه تعبير الوحي من الله، وأن تعطى له مكانة خاصة جدًا حيث إن صحته أمر لا يمكن الشك فيه، وحيث إن احتواءه على المعطيات العلمية المدروسة في عصرنا تبدو وكأنها تتحدى أي تفسير وضعي.
عقيمة حقًا تلك المحاولات التي تسعى لإيجاد تفسير للقرآن بالاعتماد فقط على الاعتبارات المادية"١.
٢- التحدي بالغيب:
الإيمان بناء أساسه الغيب:
لكنه بناء قوامه البرهان، وإلا تساوات المتضادات، فاستوى النور والظلمات، واستوى الأحياء والأموات ... وهذا محال.
فلم يشهد أحد من البشر خلق السموات والأرض، ولم يشهد بنو آدم خلق أنفسهم، لكن المؤمنين منهم يؤمنون بالغيب، فهم يؤمنون بقصة "الخلق" حسبما ترويها كتبهم المقدسة، وإن اختلفت بينها الروايات.
ولم يشهد أحد من الأجيال المتأخرة -التي بعد بها الزمان- الأنبياء والمرسلين وهم يلقون قول الله، ويبثون التعاليم، ويتحدثون إلى الناس عن