للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أكن أعرفها وذلك حتى أكون قادرًا على التقدم في دراسة هذا الدين الذي يجهله الكثيرون. وكان هدفي الأول هو قراءة القرآن ودراسة نصه جملة بجملة مستعينًا بمختلف التعليقات اللازمة للدراسة النقدية، وتناولت القرآن منتبهًا بشكل خاص إلى الوصف الذي يعطيه عن حشد كبير من الظاهرات "الظواهر" الطبيعية.

لقد أذهلتني دقة بعض التفاصيل الخاصة بهذه "الظواهر" وهي تفاصيل لا يمكن أن تدرك إلا في النص الأصلي، أذهلتني مطابقتها للمفاهيم التي نملكها اليوم عن نفس هذه "الظواهر" والتي لم يكن ممكنًا لأي إنسان في عصر محمد أن يكون عنها أدنى فكرة.

إن أول ما يثير الدهشة في روح من يواجه مثل هذا النص لأول مرة هو ثراء الموضوعات المعالجة فهناك الخلق وعلم الفلك وعرض لبعض الموضوعات الخاصة بالأرض، وعالم الحيوان، وعالم النبات، والتناسل الإنساني.

وعلى حين نجد في التوراة أخطاء علمية ضخمة، لا نكتشف في القرآن أي خطأ"١.

ثم كان من جملة ما انتهى إليه "موريس بوكاي" في خاتمة بحثه أن قال: "إن القرآن وقد استأنف التنزيلين اللذين سبقاه، لا يخلو فقط من متناقضات الرواية وهي السمة البازة في مختلف صياغات الأناجيل، بل هو يظهر أيضًا -لكل من يشرع في دراسته بموضوعية وعلى ضوء العلوم- طابعه الخاص، وهو التوافق التام مع المعطيات العلمية الحديثة، بل أكثر من ذلك وكما أثبتنا، يكتشف القارئ فيه مقولات ذات طابع علمي من المستحيل تصور أن إنسانًا في عصر محمد -صلى الله عليه وسلم- قد استطاع أن يؤلفها، وعلى هذا فالمعارف العلمية الحديثة تسمح بفهم بعض الآيات القرآنية التي كانت بلا تفسير صحيح حتى الآن.


١ المرجع السابق: ص١٤٤-١٤٥.

<<  <   >  >>