للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

مفردات هذه الأجهزة ما يضطرهم اضطرارًا إلى السجود لرب هذا التنسيق والترتيب والإبداع.

وليس علم التشريح وحده هو الذي يبهر العالم المتبحر فيه، وإنما يبهر علم الفلك العالم الفلكي.

إنه يرى هذه النجوم التي لا تكاد تعد تسير في هذه السعة الكونية الهائلة في ترتيب وتناسق وإحكام {لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} ١.

وعالم الأحياء وهو يتأمل عوالمه، ويفاجأ كل يوم بجديد وغريب وبديع فيها.

إن هؤلاء جميعًا وغيرهم يجدون أنفسهم لا محالة أمام صنع الله الذي أتقن كل شيء صنعًا فيقولون مع القرآن الكريم: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ، الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ، ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ} ٢.

وصدق الله إذ يقول: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} ٣.

لقد أحدث الإسلام في الدنيا -بموفقه هذا من العلم- نهضة علمية، كان من ثمارها الحضارة الإسلامية التي كانت تسمي البحوث في الطبيعة وفي الكون هذه التسمية الجميلة: "العلم بسنن الله الكونية". فعلم الطبيعة في الصورة الإسلامية هو العلم بسن الله الكونية"٤.


١ يس: ٤.
٢ الملك: ١-٤.
٣ فاطر: ٢٨.
٤ مجلة الأزهر: عدد رجب ١٣٩٧هـ "يوليو ١٩٧٧م".

<<  <   >  >>